الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة عشرين ومائة

فمن الحوادث فيها غزوة سليمان بن هشام الصائفة ، وافتتاحه سندرة ، وغزوة إسحاق بن مسلم العقيلي فافتتح قلاعا . وغزوة مروان بن محمد أرض الترك . وكان قد ولاه هشام أرمينية ، فكتب إليه يستأذنه في الدخول إلى بلادهم ، فكتب إليه هشام: كيف أفعل ما لم يفعله أحد قبلي ، فكتب إليه: إن الناس يشتهون ذلك وأرجو أن يكون فيه خير ، فأذن له ، فدخل والقوم غارون فهربوا إلى الآجام ، فأضرمها نارا ، واقتتلوا قتالا شديدا ، وظفر المسلمون ، وبعثوا إليه بالخبر .

وفي هذه السنة توفي أسد بن عبد الله ، فاستخلف جعفر بن حنظلة البهراني ، فعمل أربعة أشهر ، وجاء عهد نصر بن سيار في رجب .

[ ص: 200 ]

وفي هذه السنة وجهت شيعة بني العباس بخراسان إلى محمد بن علي سليمان بن كثير ليعلمه أمرهم وما هم عليه .

وسبب ذلك موجدة كانت من محمد بن علي [على] شيعته بخراسان من أجل طاعتهم لخداش الذي كان يكذب على محمد بن علي ، فترك مكاتبتهم ، فبعثوا سليمان بن كثير ، فقدم عليه ، فعنف أهل خراسان [فيما فعلوا .

ثم وجه محمد بن علي بن بكير بن ماهان إلى خراسان ] بعد منصرف سليمان يعلمهم أن خداشا حمل شيعته على غير منهاجه فتابوا من ذلك .

وفي هذه السنة عزل هشام بن عبد الملك خالد بن عبد الله عن أعماله التي ولاه كلها .

وكان لذلك أسباب منها: أنه اتخذ أموالا وحفرا ، فبلغت عشرين ألف ألف ، وكانوا يشيرون عليه أن يعرض بعضها على هشام فلا يفعل . فبلغ ذلك هشاما ، ثم بلغه أن خالدا استخف برجل من قريش ، وكان يقول لابنه: ما أنت بدون مسلمة بن هشام؟ وكان خالد يذكر هشاما فيقول: ابن الحمقاء ، وكانت أم هشام تستحمق . فكتب إليه هشام كتابا فيه غلظة ، وقبح له استخفافه بقريش ، وسبه في الكتاب . وعزم على عزله ، وأخفى ذلك ، فلما أحس طارق خليفة خالد بالأمر ركب إلى خالد ، فقال له: اركب إلى أمير المؤمنين فاعتذر إليه من شيء بلغه عنك ، فقال: كيف أركب إليه بغير إذنه؟

قال: فسر في عملك وأتقدمك ، فأستأذنه لك ، قال: ولا هذا ، قال: فأذهب فأضمن لأمير المؤمنين جميع ما انكسر في هذه السنين ، قال: وما مبلغه؟ قال: مائة ألف ألف ، قال: ومن أين أجد هذا؟ والله ما أجد عشرة آلاف درهم ، قال: نتحمل عنك ونفرق الباقي على العمال ، قال: إني للئيم إن كنت سوغت قوما شيئا ثم أرجع فيه .

[ ص: 201 ]

فخرج طارق يبكي ، وقال: هذا آخر ما نلتقي في الدنيا ، وجاء كتاب هشام إلى يوسف [بن عمر]: سر إلى العراق فقد وليتكها ، وإياك أن تعلم بذلك أحدا ، وخذ ابن النصرانية وعماله فأشفني منهم ، فقدم يوسف العراق في جمادى فأخذ صالحا ، فحبسه فصولح على تسعة آلاف ألف درهم ، وقيل: أخذ مائة ألف ألف فكانت ولاية خالد في شوال سنة عشر ثم عزل في جمادى الآخر سنة عشرين .

وفي هذه السنة ولي يوسف بن عمر العراق

فقدم واليا عليها على ما ذكرنا ، فولى خراسان جديع بن علي الكرماني ، وعزل جعفر بن حنظلة . واستشار هشام فيمن يولي العراق ، فذكروا له رجالا ، فاختار نصر بن سيار فولاه ، وكتب إليه أن يكاتب يوسف بن عمر ، فكتب يوسف عهد نصر بن سيار مع عبد الكريم الحنفي فأعطاه نصر عشرة آلاف درهم ، وأحسن الولاية والجباية ، وبث العمال ، وعمرت خراسان عمارة لم تعمر قبلها مثلها .

وفي هذه السنة حج بالناس محمد بن هشام بن إسماعيل ، وكان هو العامل على المدينة ومكة والطائف .

وقيل: بل حج بهم سليمان بن هشام بن عبد الملك . وقيل: يزيد بن هشام .

وكان على المشرق والعراق يوسف بن عمر ، وعلى خراسان نصر بن سيار ، وقيل: جعفر بن حنظلة ، وعلى البصرة كثير بن عبد الله السلمي من قبل يوسف بن عمر ، وعلى قضائها عامر بن عبيدة الباهلي ، وعلى أرمينية وأذربيجان مروان بن محمد ، وعلى قضاء الكوفة ابن شبرمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية