الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل )

                                                                                                                              في الإعتاق في مرض الموت وبيان القرعة في العتق إذا ( أعتق ) تبرعا ( في مرض موته عبدا لا يملك غيره ) عند موته ( عتق ثلثه ) ؛ لأن المريض إنما ينفذ تبرعه من ثلثه ، نعم إن مات في حياة السيد مات كله حرا على الأصح ، ومن ثم لو وهبه فأقبضه فمات ، والسيد حي مات على ملك الموهوب له ، ومن فوائد موته حرا [ ص: 370 ] في الأولى انجرار ولاء ولده من موالي أمه إلى معتقه ( فإن كان عليه دين مستغرق ) وأعتقه تبرعا أيضا ( لم يعتق منه شيء ) ما دام الدين باقيا ؛ لأن العتق حينئذ كالوصية ، والدين مقدم عليها ، ومن ثم لو أبرأ الغرماء منه ، أو تبرع به أجنبي عتق ثلثه ، أما إذا كان نذر إعتاقه في صحته ونجزه في مرضه فيعتق كله كما لو أعتقه عن كفارة مرتبة . وخرج بالمستغرق غيره فالباقي بعده كأنه كل المال فينفذ العتق في ثلثه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل ) أعتق في مرض موته عبدا لا يملك غيره إلخ . ( قوله : مات كله حرا على الأصح ) أي : تنزيلا له منزلة [ ص: 370 ] عتقه في الصحة ، وهذا ما نقله الشيخان في باب الوصية عن تصحيح الأستاذ ونقلا هنا عن تصحيح الصيدلاني أنه يموت رقيقا واقتصر عليه في الروض ، وصحح البغوي أنه يموت ثلثه حرا وباقيه رقيقا ، وقد بسط بيان ذلك في شرح الروض ، ووجه تصحيح الصيدلاني بأن ما يعتق ينبغي أن يحصل للورثة مثلاه ، ولم يحصل لهم هنا شيء ومشى في الروض في مسألة الهبة المذكورة على أنه يموت على ملك الواهب فعليه تجهيزه .

                                                                                                                              ( قوله : عتق ثلثه ) قد يشكل بأن إعتاقه قولي وهو إذا رد لغا كما في إعتاق الراهن المعسر إلا أن يفرق بأن هذا في حكم الوصية ومنظور فيه إلى وقت الموت فكأنه معلق به ؛ فلا يلغو بمجرد عدم نفوذه في الحال



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل ) في الإعتاق في مرض موته . ( قوله : وبيان القرعة ) أي : وما يتبع ذلك كعدم رجوع الوارث بما أنفقه ع ش . ( قوله : تبرعا ) سيذكر محترزه . ( قول المتن : لا يملك غيره ) أي : ولا دين عليه مغني . ( قوله : مات كله حرا إلخ ) واعتمد النهاية موت كله رقيقا واستظهر المغني موت ثلثه حرا وباقيه رقيقا عبارته : هذا إن بقي بعد السيد فإن مات في حياته فهل يموت كله رقيقا ، أو حرا أو ثلثه حرا وباقيه رقيقا ؟ قال في أصل الروضة : فيه أوجه : أصحها عند الصيدلاني الأول وجرى عليه ابن المقري في روضه ؛ لأن ما يعتق ينبغي أن يبقى للورثة مثلاه ولم يحصل لهم هنا شيء ونقلا في الوصايا عن الأستاذ أبي منصور تصحيح الثاني واقتصرا عليه وصوبه الزركشي [ ص: 370 ] تنزيلا له منزلة عتقه في الصحة وإطلاق المصنف يقتضي ترجيح الثالث وهو الظاهر وصححه البغوي وقال في البحر : إنه ظاهر المذهب وقال الماوردي : إنه الظاهر من مذهب الشافعي كما لو مات بعده قال البغوي : على خلاف ، ولا وجه للقول بأنه مات رقيقا ؛ لأن تصرف المريض غير ممتنع وفائدة الخلاف فيما لو وهب في المرض عبدا لا يملك غيره وأقبضه ومات قبل السيد فإن قلنا في مسألة العتق بموته رقيقا مات هنا على ملك الواهب ويلزمه مؤنة تجهيزه ، وإن قلنا بموته حرا مات هنا على ملك الموهوب له فعليه تجهيزه وإن قلنا بالثالث وزعت المؤنة عليهما . ا هـ . تأمل المانع من فرض فائدة الخلاف في موت العتيق في مسألة العتق سيد عمر وتبعه الأذرعي .

                                                                                                                              ( قوله : في الأولى ) أي : المذكورة بقوله : نعم إن مات إلخ . ( قول المتن : عليه ) أي من أعتق في مرض موته عبدا لا يملك غيره مغني ( قوله : وأعتقه ) إلى قول المتن أو بالقيمة دون العدد في المغني وكذا في النهاية إلا قوله : لأن إعتاق هذا على القول بموته رقيقا إلى المتن وقوله : قال إذ إلى وقال ( قوله : وأعتقه تبرعا أيضا ) يغني عنه ضمير عليه في المتن ( قوله : حينئذ ) أي : حين كون الدين مستغرقا له . ( قوله : منه ) أي : الدين . ( قوله : أو تبرع به أجنبي ) عبارة المغني أو تبرع متبرع بقضاء الدين . ا هـ . وعبارة الأسنى ، أو وفى الدين من غير العبد سواء أوفاه الوارث أم أجنبي كما قاله القاضي وظاهر أن محله في الوارث إذا وفاه ولم يقصد فداءه ليبقى له . ا هـ . ( قوله : أما إذا كان نذر إلخ ) محترز قوله : تبرعا ع ش . ( قوله : بعده ) أي بعد أداء الدين




                                                                                                                              الخدمات العلمية