الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل الكلام على هذه الأحكام

أما الحديث الأول فهو حديث احتاج الناس فيه إلى عمرو بن شعيب ، ولم يجدوا بدا من الاحتجاج هنا به ، ومدار الحديث عليه ، وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في سقوط الحضانة بالتزويج غير هذا ، وقد ذهب إليه الأئمة الأربعة وغيرهم ، وقد صرح بأن الجد هو عبد الله بن عمرو ، فبطل قول من يقول : لعله محمد والد شعيب ، فيكون الحديث مرسلا .

وقد صح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو ، فبطل قول من قال : إنه منقطع ، وقد احتج به البخاري خارج صحيحه ، ونص على صحة حديثه ، وقال : كان عبد الله بن الزبير الحميدي ، وأحمد ، وإسحاق ، وعلي بن عبد الله يحتجون بحديثه ، فمن الناس بعدهم ؟ ! هذا لفظه . وقال إسحاق بن راهويه : هو عندنا كأيوب عن نافع عن ابن عمر . وحكى الحاكم في " علوم الحديث " له الاتفاق على صحة حديثه . وقال أحمد بن صالح : لا يختلف على عبد الله أنها صحيفة .

وقولها : " كان بطني وعاء " إلى آخره ، إدلاء منها ، وتوسل إلى اختصاصها به ، كما اختص بها في هذه المواطن الثلاثة ، والأب لم يشاركها في ذلك ، فنبهت [ ص: 390 ] في هذا الاختصاص الذي لم يشاركها فيه الأب على الاختصاص الذي طلبته بالاستفتاء والمخاصمة .

وفي هذا دليل على اعتبار المعاني والعلل ، وتأثيرها في الأحكام ، وإناطتها بها ، وأن ذلك أمر مستقر في الفطر السليمة حتى فطر النساء ، وهذا الوصف الذي أدلت به المرأة وجعلته سببا لتعليق الحكم به قد قرره النبي صلى الله عليه وسلم ، ورتب عليه أثره ، ولو كان باطلا ألغاه ، بل ترتيبه الحكم عقيبه دليل على تأثيره فيه وأنه سببه .

واستدل بالحديث على القضاء على الغائب ، فإن الأب لم يذكر له حضور ولا مخاصمة ، ولا دلالة فيه لأنها واقعة عين ، فإن كان الأب حاضرا ، فظاهر ، وإن كان غائبا فالمرأة إنما جاءت مستفتية ، أفتاها النبي صلى الله عليه وسلم بمقتضى مسألتها ، وإلا فلا يقبل قولها على الزوج إنه طلقها حتى يحكم لها بالولد بمجرد قولها .

التالي السابق


الخدمات العلمية