الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل وقد ضبط بعض أصحابه هذا الباب بضابط ، فقال : كل عصبة ، فإنه يقدم على كل امرأة هي أبعد منه ، ويتأخر عمن هي أقرب منه ، وإذا تساويا فعلى وجهين . فعلى هذا الضابط يقدم الأب على أمه ، وعلى أم الأم ومن معها ، ويقدم الأخ على ابنته وعلى العمة ، والعم على عمة الأب ، وتقدم أم الأب على جد الأب ، وفي تقديمها على أب الأب وجهان . وفي تقديم الأخت للأب على الأخ للأب وجهان ، وفي تقديم العمة على العم وجهان .

[ ص: 398 ] والصواب : تقديم الأنثى مع التساوي ، كما قدمت الأم على الأب لما استويا ، فلا وجه لتقديم الذكر على الأنثى مع مساواتها له ، وامتيازها بقوة أسباب الحضانة والتربية فيها .

واختلف في بنات الإخوة والأخوات ، هل يقدمن على الخالات والعمات ، أو تقدم الخالات والعمات عليهن ؟ على وجهين ، مأخذهما : أن الخالة والعمة تدليان بأخوة الأم والأب ، وبنات الإخوة والأخوات يدلين ببنوة الأب ، فمن قدم بنات الإخوة ، راعى قوة البنوة على الأخوة ، وليس ذلك بجيد ، بل الصواب تقديم العمة والخالة لوجهين .

أحدهما : أنها أقرب إلى الطفل من بنات أخيه ، فإن العمة أخت أبيه ، وابنة الأخ ابنة ابن أبيه ، وكذلك الخالة أخت أمه ، وبنت الأخت من الأم ، أو لأب بنت بنت أمه أو أبيه ، ولا ريب أن العمة والخالة أقرب إليه من هذه القرابة .

الثاني : أن صاحب هذا القول إن طرد أصله لزمه ما لا قبل له به من تقديم بنت بنت الأخت ، وإن نزلت على الخالة التي هي أم ، وهذا فاسد من القول ، وإن خص ذلك ببنت الأخت دون من سفل منها ، تناقض .

واختلف أصحاب أحمد أيضا في الجد والأخت للأب أيهما أولى ؟ فالمذهب : أن الجد أولى منها ، وحكى القاضي في " المجرد " وجها : أنها أولى منه ، وهذا يجيء على أحد التأويلات التي تأول عليها الأصحاب نص أحمد ، وقد تقدمت .

التالي السابق


الخدمات العلمية