الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقد رام بعض أصحاب أحمد ضبط هذا الباب بضابط زعم أنه يتخلص به من التناقض ، فقال : الاعتبار في الحضانة بالولادة المتحققة ، وهي الأمومة ، ثم الولادة الظاهرة وهي الأبوة ، ثم الميراث . قال ولذلك تقدم الأخت من الأب على الأخت من الأم ، وعلى الخالة ؛ لأنها أقوى إرثا منهما . قال : ثم الإدلاء ، فتقدم الخالة على العمة ؛ لأن الخالة تدلي بالأم ، والعمة تدلي بالأب ، فذكر أربع [ ص: 400 ] أسباب للحضانة ، مرتبة الأمومة ، ثم بعدها الأبوة ، ثم بعدها الميراث ، ثم الإدلاء ، وهذه طريقة صاحب " المستوعب " ، وما زادته هذه الطريقة إلا تناقضا وبعدا عن قواعد الشريعة ، وهي من أفسد الطرق ، وإنما يتبين فسادها بلوازمها الباطلة ، فإنه إن أراد بتقديم الأمومة على الأبوة تقديم من في جهتها على الأب ومن في جهته - كانت تلك اللوازم الباطلة المتقدمة من تقديم الأخت للأم ، وبنت الخالة على الأب وأمه ، وتقديم الخالة على العمة ، وتقديم خالة الأم على الأب وأمه ، وتقديم بنات الأخت من الأم على أم الأب ، وهذا مع مخالفته لنصوص إمامه ، فهو مخالف لأصول الشرع وقواعده .

وإن أراد أن الأم نفسها تقدم على الأب ، فهذا حق لكن الشان في مناط هذا التقديم : هل هو لكون الأم ومن في جهتها تقدم على الأب ومن في جهته ، أو لكونها أنثى في درجة ذكر ، وكل أنثى كانت في درجة ذكر قدمت عليه مع تقديم قرابة الأب على قرابة الأم ؟ وهذا هو الصواب كما تقدم ، وكذلك قوله : " ثم الميراث " إن أراد به أن المقدم في الميراث مقدم في الحضانة فصحيح ، وطرده تقديم قرابة الأب على قرابة الأم ؛ لأنها مقدمة عليها في الميراث ، فتقدم الأخت على العمة والخالة . وقوله : " وكذلك تقديم الأخت للأب على الأخت للأم ، والخالة ؛ لأنها أقوى إرثا منهما ، فيقال : لم يكن تقديمها لأجل الإرث وقوته ، ولو كان لأجل ذلك لكان العصبات أحق بالحضانة من النساء ، فيكون العم أولى من الخالة والعمة ، وهذا باطل .

التالي السابق


الخدمات العلمية