الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1793 باب فضل شهر رمضان

                                                                                                                              وأورده النووي في: ( كتاب الصيام ).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 186 - 187 ج 7 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين "].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              ( عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إذا جاء رمضان ". ) [ ص: 13 ] وفي رواية أخرى: " إذا دخل ".

                                                                                                                              وفيه: جواز قول: ( رمضان )، من غير ذكر ( الشهر ). وهو مذهب البخاري، والمحققين: أنه لا كراهة في إطلاق ( رمضان )، بقرينة وبغير قرينة.

                                                                                                                              قال النووي: وهذا المذهب هو الصواب.

                                                                                                                              قال: وقولهم: إنه اسم من أسماء الله ليس بصحيح، ولم يصح فيه شيء، وإن كان قد جاء فيه أثر ضعيف.

                                                                                                                              وأسماء الله تعالى توقيفية، لا تطلق إلا بدليل صحيح.

                                                                                                                              ولو ثبت أنه اسم، لم يلزم منه كراهة.

                                                                                                                              ولهذا الحديث نظائر كثيرة في الصحيح، في إطلاق (رمضان ) على الشهر، من غير ذكر ( الشهر ).

                                                                                                                              ( فتحت أبواب الجنة ). وفي رواية: ( أبواب الرحمة ). ( وغلقت أبواب النار ). وفي أخرى: ( أبواب جهنم ). ( وصفدت الشياطين ). وفي أخرى: ( سلسلت ).

                                                                                                                              قال عياض: يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته، وأن تفتيح أبواب الجنة، وتغليق أبواب جهنم، وتصفيد الشياطين: علامة لدخول ( الشهر )، وتعظيم لحرمته.

                                                                                                                              [ ص: 14 ] ويكون التصفيد، ليمتنعوا من إيذاء المؤمنين، والتهويش عليهم.

                                                                                                                              قال: ويحتمل أن يكون المراد المجاز، ويكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو ؛ وأن الشياطين يقل إغواؤهم وإيذاؤهم. فيصيرون كالمصفدين.

                                                                                                                              ويكون تصفيدهم: عن أشياء دون أشياء، (ولناس ) دون ناس. ويؤيده رواية: ( أبواب الرحمة ).

                                                                                                                              وجاء في حديث آخر: ( صفدت مردة الشياطين ).

                                                                                                                              قال: ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة: عبارة عما يفتحه الله تعالى لعباده، من الطاعات في هذا الشهر، التي لا تقع في غيره عموما: كالصيام، والقيام، وفعل الخيرات، والانكفاف عن كثير من المخالفات.

                                                                                                                              وهذه أسباب لدخول الجنة، وأبواب لها.

                                                                                                                              وكذلك تغليق أبواب النار، وتصفيد الشياطين: عبارة عما ينكفون عنه من المخالفات.

                                                                                                                              ومعنى ( صفدت ): غللت. ( والصفد ) بفتح الفاء: ( الغل ) بضم الغين. وهو معنى: "سلسلت".

                                                                                                                              قال النووي: هذا كلام القاضي. أو فيه أحرف معنى كلامه. انتهى.

                                                                                                                              [ ص: 15 ] وأقول: أصح هذه الاحتمالات أولها. ولا مانع من إرادة الجميع. فإن فضل الله أوسع من كل واسع، ورحمته أعم من كل رحمة.




                                                                                                                              الخدمات العلمية