الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وعلى الثلاثة الذين خلفوا وقرأ أبو رزين، وأبو مجلز، والشعبي، وابن يعمر: "خالفوا" بألف . وقرأ معاذ القارئ، وعكرمة، وحميد: [ ص: 513 ] "خلفوا" بفتح الخاء واللام المخففة . وقرأ أبو الجوزاء، وأبو العالية: "خلفوا" بفتح الخاء واللام مع تشديدها . وهؤلاء هم المرادون بقوله: وآخرون مرجون وقد تقدمت أسماؤهم [التوبة:106] . وفي معنى "خلفوا" قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: خلفوا عن التوبة، قاله ابن عباس، ومجاهد . فيكون المعنى: خلفوا عن توبة الله على أبي لبابة وأصحابه إذ لم يخضعوا كما خضع أولئك .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: خلفوا عن غزوة تبوك، قاله قتادة . وحديثهم مندرج في توبة كعب بن مالك، وقد رويتها في كتاب "الحدائق"

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت أي: ضاقت مع سعتها، وذلك أن المسلمين منعوا من معاملتهم وكلامهم، وأمروا باعتزال أزواجهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم معرضا عنهم . وضاقت عليهم أنفسهم بالهم والغم . (وظنوا) أي: أيقنوا أن لا ملجأ أي: لا معتصم من الله ومن عذابه إلا هو . ثم تاب عليهم أعاد التوبة تأكيدا، ليتوبوا قال ابن عباس : ليستقيموا . وقال غيره: وفقهم للتوبة ليدوموا عليها ولا يرجعوا إلى ما يبطلها . وسئل بعضهم عن التوبة النصوح فقال: أن تضيق على التائب الأرض، وتضيق عليه نفسه، كتوبة كعب وصاحبيه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية