الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                      137- كما قال: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر) [196] أي: فعليه ما استيسر كما تقول: "زيدا أكرمت" وأنت تريد "أكرمته" وكما تقول: "إلى من تقصد أقصد" تريد "إليه".

                                                                                                                                                                                                                      وأما قوله: (فإن أحصرتم) فلأنك تقول: "أحصرني قولي" و"أحصرني مرضي" أي: جعلني أحصر نفسي. وتقول: "حصرت الرجل" أي: حبسته، فهو "محصور". وزعم يونس عن أبي عمرو أنه يقول: "حصرته عن كل وجه" وإذا منعته من التقدم خاصة فقد أحصرته"، ويقول بعض العرب في المرض وما أشبهه من الإعياء والكلال: "أحصر".

                                                                                                                                                                                                                      قال: (ففدية من صيام) أي: فعليه فدية.

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 175 ] وقال: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة)

                                                                                                                                                                                                                      فإنما قال: (عشرة كاملة) وقد ذكر سبعة وثلاثة ليخبر أنها مجزأة، ليس ليخبر عن عدتها، ألا ترى أن قوله: (كاملة) إنما هي "وافية".

                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكروا أنه في حرف ابن مسعود : (تسع وتسعون نعجة أنثى وذلك أن الكلام يؤكد بما يستغنى به عنه كما قال: (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) . وقد يستغنى بأحدهما.

                                                                                                                                                                                                                      ولكن تكرير الكلام كأنه أوجب. ألا ترى أنك تقول: "رأيت أخويك كليهما" ولو قلت: "رأيت أخويك" استغنيت فتجيء بـ "كليهما" توكيدا. وقال بعضهم في قول ابن مسعود "أنثى" أنه إنما أراد "مؤنثة" يصفها بذلك لأن ذلك قد يستحب من النساء.

                                                                                                                                                                                                                      وقال: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) وإذا وقفت قلت: "حاضري" لأن الياء إنما ذهبت في الوصل لسكون اللام من "المسجد"، وكذلك: (غير محلي الصيد) وقوله: (عم يتساءلون) و: (فيم أنت من ذكراها) وأشباه هذا مما ليس هو حرف إعراب.

                                                                                                                                                                                                                      وحروف الإعراب الذي يقع عليه الرفع والنصب والجر ونحو: "هو" و"هي"، فإذا وقفت عليه فأنت فيه بالخيار إن شئت ألحقت الهاء وإن شئت لم تلحق. وقد قالت العرب في نون الجميع ونون الاثنين في الوقف بالهاء فقالوا: "هما رجلانه" و"مسلمونه" و"قد قمته" إذا

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 176 ] أرادوا: "قد قمت" وكذلك ما لم يكن حرف إعراب إلا أن بعضه أحسن من بعض، وهو في المفتوح أكثر. فأما "مررت بأحمر" و"يعمر" فلا يكون الوقف في هذا بالهاء لأن هذا قد ينصرف عن هذا الوجه. وكذلك ما لم يكن حرف إعراب ثم كان يتغير عن حاله فإنه لا يلحق فيه الهاء إذا سكت عليه.

                                                                                                                                                                                                                      وأما قوله: (إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك) فإذا وقفت قلت "تبوأ" لأنها "أن تفعل" فإذا وقفت على "تفعل" لم تحرك. قال: (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ) إذا وقفت عليه لأنه "أن تفعلا" وأنت تعني فعل الاثنين فهكذا الوقف عليه قال: (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق) فإذا وقفت قلت: "مبوأ" ولا تقول: "مبوأا" لأنه مضاف، فإذا وقفت عليه لم يكن ألف. ولو أثبت فيه "الألف" لقلت في وقف: (غير محلي الصيد) : "محلين" ولكنه مثل "رأيت غلامي زيد" فإذا وقفت قلت: "غلامي". وقال: (فلما تراءى الجمعان) فإذا وقفت قلت: "تراءى" ولم تقل: "ترايا" لأنك قد رفعت الجمعين بذا الفعل، ولو قلت: "ترايا" كنت قد جئت باسم مرفوع بذا الفعل وهو "الألف" ويكون قولك "الجمعان" ليس بكلام إلا على وجه آخر.

                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية