الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 270 ] قوله تعالى : فخسفنا به وبداره الأرض قال ابن عباس : لما شكا موسى إلى الله أمر قارون أمر الله الأرض أن تطيع موسى ، ولما أقبل قارون وشيعته قال موسى : يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى أعقابهم ، ثم قال : خذيهم فأخذتهم إلى أوساطهم ثم قال : خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم ، ثم قال : خذيهم فخسف الله بهم وبدار قارون وكنوزه .

                                                                                                                                                                                                                                        روى يزيد الرقاشي أن قارون لما أخذته الأرض إلى عنقه أخذ موسى نعليه فخفق بهما وجهه فقال قارون : يا موسى ارحمني ، قال الله تعالى ( يا موسى ما أشد قلبك ، دعاك عبدي واسترحمك فلم ترحمه : وعزتي لو دعاني عبدي لأجبته ) روى سمرة بن جندب أنه يخسف بقارون وقومه في كل يوم بقدر قامة فلا يبلغ إلى الأرض السفلى إلى يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                        قال مقاتل : لما أمر موسى الأرض فابتلعته قال بنو إسرائيل : إنما أهلكه ليرث ماله لأنه كان ابن عمه أخي أبيه فخسف الله بداره وبجميع أمواله بعد ثلاثة أيام .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله فيه ثمانية أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : معناه أولا يعلم أن الله؟ رواه معمر عن قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أولا يرى؟ رواه سعيد عن قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : "ولكن الله" بلغة حمير ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : "وإن الله" والياء والكاف صلتان زائدتان ، حكاه النقاش .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : "وكأن الله" والياء وحدها صلة زائدة . وقال ابن عيسى بهذا التأويل غير أنه جعل الياء للتنبيه .

                                                                                                                                                                                                                                        السادس : معناه ويك أن الله ففصل بين الكاف والألف وجعل ويك بمعنى ويح فأبدل الحاء كافا ومنه قول عنترة :


                                                                                                                                                                                                                                        ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها قيل الفوارس ويك عنتر أقدم



                                                                                                                                                                                                                                        السابع : ويلك إن الله فحذف اللام إيجازا ، حكاه ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثامن : وي منفصلة على طريق التعجب ثم استأنف فقال كأن الله ، قاله الخليل .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 271 ] يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر فيه ثلاثة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : معنى يقدر أن يختار له ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : ينظر له فإن كان الغنى خيرا له أغناه وإن كان الفقر خيرا له أفقره ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : يضيق ، وهذا معنى قول ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية