الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل )

                                                                                                                              في بيان ما تفارق فيه الكتابة الباطلة الفاسدة وما توافق ، أو تباين فيه الفاسدة الصحيحة وتخالف المكاتب وسيده ، أو وارثه وغير ذلك ( الكتابة الفاسدة لشرط ) فاسد كأن شرط أن كسبه بينهما ، أو تأخر عتقه عن الأداء ( أو عوض ) فاسد كأن كاتبه على نحو خمر ( أو أجل فاسد ) كأن يؤجل بمجهول أو يجعله نجما واحدا ، أو لغير ذلك كأن يكاتب بعض الرقيق ( كالصحيحة في استقلاله ) أي : المكاتب ( بالكسب ) ؛ لأنه يعتق فيها بالأداء أيضا ، وهو إنما يحصل بالتمكن من الاكتساب . وخرج بها الباطلة وهي ما اختل بعض أركانها كاختلال بعض شروط العاقدين السابقة وكالعقد بنحو دم وكفقد إيجاب ، أو قبول فهي لغو إلا في تعليق عتق إن وقعت ممن يصح تعليقه وكذا يفترقان في نحو الحج ، والعارية ، والخلع ( و ) في ( أخذ أرش الجناية عليه و ) في أخذ أمة ما وجب لها من ( مهر ) عقد صحيح عليها ، أو وطء ( شبهة ) ؛ لأنهما في معنى الاكتساب ( وفي أنه يعتق بالأداء ) للسيد عند المحل بحكم التعليق لوجود الصفة ولكون المقصود بالكتابة العتق لم تتأثر بالتعليق الفاسد ، ومن ثم لم يشاركه عقد فاسد في إفادة ملك أصلا ( و ) في أنه ( يتبعه ) إذا عتق ( كسبه )

                                                                                                                              الحاصل بعد التعليق وولده من أمته ككسبه ، لكن لا يجوز له بيعه ؛ لأنه تكاتب عليه ويعتق إذا عتق وكذا ولد المكاتبة كتابة فاسدة . وقضية كلامهما أن نفقته على السيد كفطرته ، لكن قال الإمام والغزالي [ ص: 416 ] تسقط عنه وجزم به غيرهما وله معاملته ( وكالتعليق ) بصفة ( في أنه لا يعتق بإبراء ) عن النجوم ، ولا بأداء من الغير عنه تبرعا ، أو وكالة ، ولا بالأداء لوكيل السيد لتعذر حصول الصفة وأجزأ في الصحيحة ؛ لأن المغلب فيها المعاوضة ، والأداء ، والإبراء فيها واحد ( و ) في أن كتابته ( تبطل بموت سيده ) قبل الأداء لجوازها من الجانبين ولعدم حصول المعلق عليه ، ولا يعتق بالأداء للوارث ، بخلاف الصحيحة ، نعم إن قال : إن أديت لي ، أو لوارثي لم تبطل ( و ) في أنه ( يصح ) نحو بيعه وهبته وإعتاقه عن الكفارة و ( الوصية برقبته ) ، وإن ظن صحة الكتابة ؛ لأن العبرة بما في نفس الأمر ( و ) في أنه ( لا يصرف إليه سهم المكاتبين ) ؛ لأنها جائزة من الجانبين فالأداء فيها غير موثوق به ، وفي أنه يمنعه من السفر ، ولا يطؤها ، ولا يعتق بتعجيل النجوم وبما تقرر علم أن في كل من الصحيحة ، والفاسدة عقد معاوضة وأن المغلب في الصحيحة معنى المعاوضة وفي الفاسدة معنى التعليق

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل الكتابة الفاسدة لشرط إلخ )

                                                                                                                              ( قوله : في استقلاله ) شامل لمكاتبة بعض الرقيق فليراجع . ( قوله : وكذا يفترقان ) أي : الصحيح والفاسد . ( قوله : أن نفقته على السيد ) عبارة شرح المنهج عطفا على [ ص: 416 ] في استقلاله إلخ وفي أنه تسقط نفقته عن سيده أي : بخلاف فطرته فإنها على السيد . ا هـ . ( قوله : تسقط عنه ) أي : ما لم يحتج ش م ر . ( قوله : وله معاملته ) عبارة الروض ، ولا يعامل سيده . ا هـ . قال في شرحه : هذا ما نقله الأصل عن تهذيب البغوي ثم قال : ولعله أقوى ونقل قبله عن الإمام والغزالي أن له أن يعامله كالمكاتب كتابة صحيحة ، وقد راجعت كلام البغوي فرأيته إنما ذكر ذلك تفريعا على ضعيف إلى أن قال : فالأقوى قول الإمام والغزالي . ( قوله : وفي أنه يمنعه من السفر ) أي : بخلافه في الصحيحة فإنه جائز بلا إذن ما لم يحل النجم شرح الروض . ( قوله : ولا يطؤها إلخ ) عبارة شرح المنهج وجواز وطء الأمة أي بخلاف الصحيحة وعبارة [ ص: 417 ] شرح الإرشاد للشارح ، ووطئها فلا حد به ، ولا تعزير ، ولا مهر . ا هـ . فليتأمل عبارته هنا



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في بيان ما تفارق فيه الكتابة الباطلة الفاسدة )

                                                                                                                              . ( قوله : في بيان ) إلى قول المتن قلت في النهاية إلا قوله : وله معاملته وقوله : ولا بالأداء لوكيل السيد وقوله : فيما إذا عتق بالأداء وقوله : أما إذا عتق بلا أداء إلى ومما تخالف الصحيحة . ( قوله : وتخالف المكاتب إلخ ) بالجر عطفا على ما تفارق إلخ . ( قوله : وغير ذلك ) أي كبيان ما توافق ، أو تباين فيه الفاسدة التعليق . ( قوله : أن كسبه إلخ ) أي : أو أن يبيعه كذا مغني . ( قول المتن : في استقلاله إلخ ) شامل لمكاتبته بعض الرقيق فليراجع سم عبارة البجيرمي على المنهج ظاهره حتى في كتابة البعض والظاهر أنه لا يستقل إلا ببعض الكسب شيخنا . ا هـ . ( قوله : لأنه يعتق ) إلى قول المتن : فإن تجانسا في المغني إلا قوله : وله معاملته وقوله : يمنعه من السفر وقوله : وفي أنها تبطل إلى المتن وقوله : فيما إذا عتق بالأداء وقوله : بعد تلفه ( قوله : أيضا ) أي : كالصحيحة . ( قوله : وهو ) أي : الأداء . ( قوله : وخرج بها ) أي : الفاسدة ع ش عبارة المغني . ( تنبيه )

                                                                                                                              قوله فاسد يعود إلى الثلاث كما تقرر فاحترز به عن الشرط الصحيح كشرط العتق عند الأداء وبالفاسدة عن الباطلة وهي ما اختلت صحتها باختلال ركن من أركانها ككون الصيغة مختلة بأن فقد الإيجاب ، أو القبول أو أحد العاقدين مكرها ، أو صبيا أو مجنونا ، أو عقدت بغير مقصود كدم ، أو بما لا يتمول فإن حكمها الإلغاء إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : إلا في تعليق إلخ ) أي : فلا تكون لغوا بل يعتق معها الرقيق عند وجود الصفة ع ش . ( قوله : إن وقعت ) أي الفاسدة . ( قوله : وكذا يفترقان ) أي الفاسدة والباطلة مغني ورشيدي وع ش وقول سم أي الصحيح والفاسد لعله من تحريف الناسخ . ( قوله : وفي أخذ أرش الجناية إلخ ) أي : من أجنبي فإن كانت من السيد لم يأخذ منه شيئا في الفاسدة دون الصحيحة سم على المنهج . ا هـ . ع ش . ( قوله : وفي أخذ أمة ) أي مكاتبة . ( قوله : عند المحل ) بكسر الحاء متعلق بالأداء ( قوله : لم يتأثر ) أي : عقد الكتابة . ( قوله : بالتعليق الفاسد ) أي : الذي تضمنها الكتابة الفاسدة يعني لو علق بإعطاء نجم واحد مثلا فسدت ومع ذلك إذا دفع المعلق عليه عتق ع ش . ( قوله : ومن ثم ) أي : لأجل عدم التأثر بذلك . ( قوله : لم يشاركه ) أي عقد الكتابة الفاسد عبارة المغني وليس عقد فاسد يملك به إلا هذا . ا هـ . فقول ع ش أي العقد الصحيح سبق قلم . ( قوله : وولده ) مبتدأ خبره ككسبه ( قوله : بيعه ) أي : ونحوه مما يزيل الملك . ( قوله : أن نفقته إلخ ) عبارة شرح المنهج عطفا على في استقلاله إلخ وفي أنه تسقط نفقته عن سيده . ا هـ . أي بخلاف فطرته فإنها على السيد سم عبارة المغني وقضية كلام المصنف أن الفاسدة كالصحيحة فيما ذكره فقط وليس مرادا بل كالصحيحة في أن نفقته تسقط عن السيد إذا استقل بالكسب بخلاف الفطرة كما سيأتي . ا هـ . ( قوله : كفطرته ) أي المكاتب فإن الفطرة تلزم في الفاسدة دون [ ص: 416 ] الصحيحة ع ش . ( قوله : تسقط عنه ) أي : ما لم يحتج نهاية أي : إلى إنفاق بأن عجز عن الكسب ، وأما فطرته فلا تسقط عن السيد في الفاسدة وتسقط عنه في الصحيحة سم على المنهج . ( قوله : وله معاملته ) خلافا للنهاية والمغني عبارة سم عبارة الروض : ولا يعامل سيده . ا هـ . قال في شرحه : هذا ما نقله الأصل عن تهذيب البغوي ، ثم قال : ولعله أقوى ونقل قبله عن الإمام والغزالي أن له أن يعامله كالمكاتب كتابة صحيحة وقد راجعت كلام البغوي فرأيته إنما ذكر ذلك تفريعا على ضعيف إلى أن قال : فالأقوى قول الإمام والغزالي انتهى . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لتعذر حصول الصفة ) أي حيث كانت الصيغة إذا أديته فأنت حر ع ش وهي أداء أي الصفة أداء النجم من المكاتب للسيد . ( قوله : وأجزأ ) أي : ما ذكر من الإبراء وأداء الغير وهل يجب على السيد القبول فيما لو تبرع عنه الغير ، أو لا ؟ فيه نظر والأقرب عدمه فيدفعه للعبد إن أراد التبرع عليه ع ش ويظهر جريان مثله في قول المتن في أنه لا يعتق بإبراء وما زاده الشارح هناك كما مرت الإشارة إليه منع ش ( قوله : وفي أن كتابته ) الأولى إبدال الضمير بأل . ( قوله : وإعتاقه ) بالرفع رشيدي ( قول المتن : ولا يصرف إليه سهم المكاتبين ) فلو أخذ من سهم المكاتبين ولم يعلم بفساد كتابته ودفعه للسيد ، ثم علم فسادها استرد منه ما دفعه على ما اقتضاه شرح الروض ع ش وظاهر أن عدم العلم بالفساد ليس بقيد . ( قوله : وفي أنه يمنعه من السفر ) أي : بخلافه في الصحيحة فإنه جائز بلا إذن ما لم يحل النجم شرح الروض . ا هـ سم . ( قوله : ويطؤها ) وفاقا لشيخ الإسلام والمغني وخلافا للنهاية . ( قوله : ويطؤها ) عبارة النهاية ولا يطؤها وكذا كان في أصل الشارح رحمه الله تعالى ، ثم كشطت لا وهو متعين فإن إثباتها سبق قلم سيد عمر عبارة الرشيدي قوله : ولا يطؤها الصواب حذف لا . ا هـ . ولعل سم لم يطلع على الكشط وكذا كتب ما نصه قوله : ولا يطؤها عبارة شرح المنهج وجواز وطء الأمة أي بخلاف الصحيحة وعبارة شرح الإرشاد للشارح ووطئها فلا حد به ، ولا تعزير ولا مهر انتهت فليتأمل عبارته هنا . ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية