الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ المبحث الرابع ] في كونه حجة الرابع : وإذا ثبت إمكان العمل به ، فهو حجة شرعية ، ولم يخالف فيه غير النظام والإمامية . قال إمام الحرمين : أول من باح برده النظام ، [ ص: 385 ] ثم تابعه بعض الروافض ، أما الإمامية فالمعتبر عندهم قول الإمام دون الأمة . والنظام يسوي بين قول جميع الأمة وبين قول آحادها في جواز الخطأ على الجميع ، ولا يرى في الإجماع حجة ، وإنما الحجة في مستنده إن ظهر لنا ، وإن لم يظهر لم يقدر له دليلا تقوم به الحجة . هكذا حكاه القاضي في التقريب ، والقاضي أبو الطيب ، والشيخ أبو إسحاق ، وإلكيا الطبري ، وابن السمعاني ، وغيرهم . وتبعهم الرازي ، ونقل ابن برهان عنه أنه يحيل الإجماع ، وتبعه ابن الحاجب . وقال بعضهم : الصحيح عن النظام أنه يقول بتصور الإجماع ، وأنه حجة ، ولكن فسره بكل قول قامت حجته ، وإن كان قول واحد ، ويسمى بذلك قول النبي عليه السلام إجماعا ، ومنع الحجية عن الإجماع الذي نفسره نحن بما نفسره ، وكأنه لما أضمر في نفسه أن الإجماع باصطلاحنا غير حجة ، وتواتر عنده لم يخبر بمخالفته ، فحسن الكلام وفسره بما ذكرناه .

                                                      هكذا قال الغزالي وغيره ، هذا تحرير النقل عنده ، ولأجله قال الصفي الهندي : النزاع لفظي . وقال ابن دقيق العيد في " شرح العنوان " نقل عن النظام إنكار حجية الإجماع ، ورأيت أبا الحسين الخياط أنكر ذلك في نقضه لكتاب الراوندي ، ونسبه إلى الكذب ، إلا أن النقل مشهور عن النظام بذلك . ا هـ . وحكى الجاحظ في كتاب " الفتيا " عن النظام أنه قال : الحكم يعلم بالعقل أو الكتاب أو إجماع النقل . ا هـ . لكن قيل : إنه عنى به التواتر [ ص: 386 ] ونقل الأستاذ أبو منصور البغدادي عن أبي عبد الرحمن الشافعي وابن عيسى الوراق أنه إذا أجمع أهل عصر على حكم جاز أن يخالفهم فيه من لم يدخل معهم في الإجماع ، ولا يجوز ذلك لمن وافقهم ، وذهب جمهور الصحابة والتابعين وأكثر المسلمين إلى أن الإجماع حجة الله - عز وجل - في شريعته مع اختلافهم في شروطه .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية