الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1146 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          فإن حلف يمينا واحدة على أشياء كثيرة ، كمن قال : والله لا كلمت زيدا ولا خالدا ، ولا دخلت دار عبد الله ، ولا أعطيتك شيئا ، فهي يمين واحدة ، ولا يحنث بفعله شيئا مما حلف عليه ، ولا تجب عليه كفارة حتى يفعل كل ما حلف عليه . [ ص: 312 ]

                                                                                                                                                                                          وهذا قول عطاء ، والشافعي ، وبعض أصحابنا .

                                                                                                                                                                                          روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قال : قال عطاء فيمن قال : والله لا أفعل كذا ، والله لا أفعل كذا ، لأمور شتى - قال : هو قول واحد ، ولكنه خص كل واحد بيمين ، قال : كفارتان .

                                                                                                                                                                                          وقال عطاء فيمن قال والله لا أفعل كذا ، وكذا لأمرين شتى فعمهما باليمين ؟ قال : كفارة واحدة - ولا نعلم لمتقدم فيها قولا آخر .

                                                                                                                                                                                          وقال المالكيون : هو حانث بكل ما فعل من ذلك ، ثم يخرج على هذا القول أنه يجب عليه لكل فعل كفارة - وقول آخر : إنه يلزمه كفارة بأول ما يحنث ، ثم لا كفارة عليه في سائر ذلك .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : اليمين لا تكون بالنية دون القول وهو لم يلفظ إلا بيمين واحدة ، فلا يلزمه أكثر من يمين أصلا ، إذ لم يوجب لزومها إياه قرآن ; ولا سنة ، فإذ هي يمين واحدة فلا يجوز أن يكون في بعضها على حنث ، وفي بعضها على بر ; إنما هو حانث ، أو غير حانث : ولم يأت بغير هذا قرآن ، ولا سنة ، ولا قياس ، ولا قول متقدم .

                                                                                                                                                                                          فصح أنه لا يكون حانثا إلا بأن يفعل كل ما عقد بتلك اليمين أن لا يفعله - وأيضا : فالأموال محظورة والشرائع لا تجب بدعوى لا نص معها - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية