الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 537 ] ثم دخلت سنة ثمان وستين ومائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها ، في رمضان منها ، نقضت الروم ما كان بينهم وبين المسلمين من الصلح الذي عقده لهم هارون الرشيد عن أمر أبيه المهدي ، ولم يستمروا على الصلح إلا ثنتين وثلاثين شهرا ، فبعث نائب الجزيرة خيلا إلى الروم ، فقتلوا وأسروا وغنموا وسلموا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها اتخذ المهدي دواوين الأزمة ، ولم يكن بنو أمية يعرفون ذلك . وفيها حج بالناس علي بن محمد المهدي الذي يقال له : ابن ريطة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان : الحسن بن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب ، ولاه المنصور المدينة خمس سنين ، ثم غضب عليه ، فعزله وحبسه ، وأخذ جميع ماله . وحماد عجرد ، كان ظريفا ماجنا شاعرا ، وكان ممن يعاشر الوليد بن يزيد ، ويهاجي بشار بن برد ، وقدم على المهدي ، ونزل الكوفة ، واتهم بالزندقة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 538 ] قال ابن قتيبة في " طبقات الشعراء " : ثلاثة حمادون بالكوفة يرمون بالزندقة; حماد الراوية ، وحماد عجرد ، وحماد بن الزبرقان النحوي ، وكانوا يتعاشرون ويتماجنون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وخارجة بن مصعب ، وعبيد الله بن الحسن بن الحصين بن أبي الحر العنبري ، قاضي البصرة بعد سوار ، سمع خالدا الحذاء ، وداود بن أبي هند ، وسعيدا الجريري ، وروى عنه ابن مهدي . وكان ثقة فقيها ، له اختيارات تعزى إليه غريبة في الأصول والفروع ، وقد سئل مرة عن مسألة ، فأخطأ في الجواب ، فقال له قائل : الحكم فيها كذا وكذا . فأطرق ساعة ، ثم قال : إذا أرجع ، وأنا صاغر ، لأن أكون ذنبا في الحق أحب إلي من أن أكون رأسا في الباطل . توفي في ذي القعدة من هذه السنة ، وقيل : بعد ذلك بعشر سنين . فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      غوث بن سليمان بن زياد بن ربيعة بن نعيم أبو يحيى الحضرمي ، [ ص: 539 ] قاضي مصر ، كان من خيار الحكام ، ولي الديار المصرية ثلاث مرات في أيام المنصور والمهدي . وفليح بن سليمان ، وقيس بن الربيع ، في قول .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومحمد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة بن مالك أبو اليسير العقيلي ، قاضي الجانب الشرقي من بغداد للمهدي ، هو وعافية بن يزيد . وكان يقال لابن علاثة : قاضي الجن ؛ لأنه كانت بئر يصاب من أخذ منها شيئا فقال : أيها الجن إنا حكمنا أن لكم الليل ولنا النهار . فكان من أخذ منها شيئا في النهار لم يصبه شيء . قال ابن معين : كان ثقة . وقال البخاري : في حفظه شيء .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية