الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  وأما إحضار الطعام فله آداب خمسة :

                                                                  الأول : تعجيل الطعام فذلك من إكرام الضيف ، ومهما حضر الأكثرون وغاب واحد أو اثنان وتأخروا عن الوقت الموعود فحق الحاضرين في التعجيل أولى من حق أولئك في التأخير .

                                                                  وأحد المعنيين في قوله تعالى : ( هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ) [ الذاريات : 24 ] أنهم أكرموا بتعجيل الطعام إليهم ، دل عليه قوله تعالى : ( فما لبث أن جاء بعجل حنيذ ) [ هود : 69 ] وقوله : ( فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين ) [ الذاريات : 26 ] والروغان : الذهاب بسرعة وقيل في خفية . قال " حاتم الأصم " : ( العجلة من الشيطان إلا [ ص: 99 ] في خمسة فإنها من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم : إطعام الضيف ، وتجهيز الميت ، وتزويج البكر ، وقضاء الدين ، والتوبة من الذنب ) .

                                                                  الثاني : ترتيب الأطعمة بتقديم الفاكهة أولا إن كانت فذلك أوفق في الطب فإنها أسرع استحالة فينبغي أن تقع في أسفل المعدة ، وفي القرآن تنبيه على تقديم الفاكهة في قوله تعالى : ( وفاكهة مما يتخيرون ) [ الواقعة : 20 ] ثم قال : ( ولحم طير مما يشتهون ) [ الواقعة : 21 ] .

                                                                  ثم أفضل ما يقدم بعد الفاكهة اللحم والثريد ، فإن جمع إليه حلاوة بعده فقد جمع الطيبات ، ودل على حصول الإكرام باللحم قوله تعالى في ضيف " إبراهيم " إذ أحضر العجل الحنيذ أي المحنوذ وهو الذي أجيد نضجه ، وهو أحد معنيي الإكرام أعني تقديم اللحم ، قال " أبو سليمان الداراني " رضي الله عنه : " أكل الطيبات يورث الرضا عن الله " .

                                                                  وتتم هذه الطيبات بشرب الماء البارد ، وصب الماء الفاتر على اليد عند الغسل . قال " المأمون " : " شرب الماء بثلج يخلص الشكر " ، وقال بعضهم : " الحلاوة بعد الطعام خير من كثرة الألوان ، والتمكن على المائدة خير من زيادة لونين " . وتزيين المائدة بالبقول مستحب أيضا .

                                                                  الثالث : أن يقدم من الألوان ألطفها حتى يستوفي منها من يريد ولا يكثر الأكل بعده .

                                                                  وعادة المترفين تقديم الغليظ ليستأنف حركة الشهوة بمصادفة اللطيف بعده وهو خلاف السنة فإنه حيلة في استكثار الأكل .

                                                                  ويستحب أن يقدم جميع الألوان دفعة أو يخبر بما عنده .

                                                                  الرابع : أن لا يبادر إلى رفع الألوان قبل تمكنهم من الاستيفاء حتى يرفعوا الأيدي عنها فلعل منهم من يكون بقية ذلك اللون أشهى عنده مما استحضروه أو بقيت فيه حاجة إلى الأكل فيتنغص عليه بالمبادرة .

                                                                  الخامس : أن يقدم من الطعام قدر الكفاية فإن التقليل عن الكفاية نقص في المروءة والزيادة عليه تصنع ، قال " ابن مسعود " رضي الله عنه : " نهينا أن نجيب دعوة من يباهي بطعامه " ، وكره جماعة من الصحابة أكل طعام المباهاة .

                                                                  وينبغي أن يعزل أولا نصيب أهل البيت حتى لا تكون أعينهم طامحة إلى رجوع شيء منه فلعله لا يرجع فتضيق صدورهم ، وتنطلق في الضيفان ألسنتهم .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية