الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الزكاة [ ص: 137 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 137 ] قال الإمام :

                                                                                                          بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                          تبركا وقدمها على الترجمة ليكون البدء بها حقيقيا .

                                                                                                          17 - كتاب الزكاة

                                                                                                          لغة النماء ، يقال : زكا الزرع إذا نما ، وبمعنى التطهير ، وشرعا بالاعتبارين ، أما الأول فلأن إخراجها سبب النماء في المال فسميت زكاة بما يؤول إليه إخراجها كقوله تعالى : ( أعصر خمرا ) ( سورة يوسف : الآية 36 ) أو بمعنى أن الأجر يكثر بسببها ، أو بمعنى أن متعلقها الأموال ذات النماء كالتجارة والزراعة ، ودليل الأول حديث : " ما نقص مال من صدقة " . ولأنها يضاعف ثوابها كما جاء : إن الله يربي الصدقة . وأما الثاني : فلأنها طهرة النفس من رذيلة البخل ، وتطهير من الذنوب ، وهي الركن الثالث من الأركان التي بني عليها الإسلام ، ولها أسماء : الزكاة من قوله تعالى : ( وآتوا الزكاة ) ( سورة البقرة : الآية 43 ) والصدقة ( خذ من أموالهم صدقة ) ( سورة التوبة : الآية 103 ) والحق : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) ( سورة الأنعام : الآية 141 ) والنفقة ، قال ابن نافع عن مالك من قوله تعالى : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ) ( سورة التوبة : الآية 34 ) والعرف : ( خذ العفو وأمر بالعرف ) ( سورة الأعراف : الآية 199 ) قال الباجي : إلا أن عرف الاستعمال في الشرع جرى في الفرض بلفظ الزكاة ، وفي النفل بلفظ الصدقة . وقال ابن العربي : تطلق الزكاة على الصدقة الواجبة والمندوبة والنفقة والعفو والحق ، وتعريفها شرعا إعطاء جزء من النصاب الحولي إلى فقير ونحوه غير هاشمي ولا مطلبي ، ثم لها ركن وهو الإخلاص ، وشرط وهو السبب ، وهو ملك النصاب الحولي ، وشرط من تجب عليه العقل والبلوغ والحرية ، ولها حكم وهو سقوط الواجب في الدنيا وحصول الثواب في الأخرى ، وحكمة وهي التطهير من الأدناس ورفع الدرجة واسترقاق الأحرار .

                                                                                                          قال الحافظ : وهو جيد لكن في شرط من تجب عليه اختلاف . والزكاة أمر مقطوع به شرعا يستغنى عن تكلف الاحتجاج له فمن جحد فرضها كفر ، وإنما اختلف في بعض فروعها وفرضت بعد الهجرة عند الأكثر ، فقيل في السنة الثانية قبل رمضان ، وقيل في السنة الأولى ، وجزم ابن الأثير بأنه في التاسعة ، وادعى ابن حزم أنه كان قبل الهجرة ، وفيهما نظر بينه في فتح الباري بما فيه طول .




                                                                                                          الخدمات العلمية