الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قالت الحنفية والمالكية : الكلام معكم في مقامين ، أحدهما : بيان الدليل الدال على بطلان التخيير ، والثاني : بيان عدم الدلالة في الأحاديث التي استدللتم بها على التخيير ، فأما الأول : فيدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : ( أنت أحق به ) ، ولم يخيره . وأما المقام الثاني : فما رويتم من أحاديث التخيير مطلقة لا تقييد فيها ، وأنتم لا تقولون بها على إطلاقها ، بل قيدتم التخيير بالسبع فما فوقها ، وليس في شيء من الأحاديث ما يدل على ذلك ، ونحن نقول : إذا صار للغلام اختيار معتبر خير بين أبويه ، وإنما يعتبر اختياره إذا اعتبر قوله ، وذلك بعد البلوغ ، وليس تقييدكم وقت التخيير بالسبع أولى من تقييدنا بالبلوغ ، بل الترجيح من جانبنا ؛ لأنه حينئذ يعتبر قوله ، ويدل عليه قولها : " وقد سقاني من بئر أبي عنبة " ، وهي على أميال من المدينة ، وغير البالغ لا يتأتى منه عادة أن يحمل الماء من هذه المسافة ويستقي من البئر ، سلمنا أنه ليس في الحديث ما يدل على البلوغ ، فليس فيه ما ينفيه ، والواقعة واقعة عين ، وليس عن الشارع نص عام في تخيير من هو دون البلوغ حتى يجب [ ص: 426 ] المصير إليه ، سلمنا أنه فيه ما ينفي البلوغ ، فمن أين فيه ما يقتضي التقييد بسبع كما قلتم ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية