الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1517 ) مسألة ; قال : ( ويكفن في ثلاثة أثواب بيض ، يدرج فيها إدراجا ، ويجعل الحنوط فيما بينها ) الأفضل عند إمامنا ، رحمه الله ، أن يكفن الرجل في ثلاث لفائف بيض ، ليس فيها قميص ولا عمامة ، ولا يزيد عليها ولا ينقص منها . قال الترمذي : والعمل عليها عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم . وهو مذهب الشافعي .

                                                                                                                                            ويستحب كون الكفن أبيض ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض . ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { البسوا من ثيابكم البيض ، فإنه أطهر وأطيب ، وكفنوا فيه موتاكم } . رواه النسائي . وحكي عن أبي حنيفة ، أن المستحب أن يكفن في إزار ورداء وقميص ; لما روى ابن المغفل ، أن النبي صلى الله عليه وسلم : كفن في قميصه . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس عبد الله بن أبي قميصه ، وكفنه به . رواه النسائي .

                                                                                                                                            ولنا ، قول عائشة رضي الله عنها { : كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية ، ليس فيها قميص ولا عمامة } . متفق عليه . وهو أصح حديث روي في كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأعرف بأحواله ولهذا لما ذكر لها قول الناس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في برد ، قالت : قد أتي بالبرد ، ولكنهم لم يكفنوه فيه ، فحفظت ما أغفله غيرها . وقالت أيضا : { أدرج النبي صلى الله عليه وسلم في حلة يمنية كانت لعبد الله بن أبي بكر ، ثم نزعت عنه ، فرفع عبد الله بن أبي بكر الحلة ، وقال : أكفن فيها . ثم قال : لم يكفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكفن فيها فتصدق بها } . رواه مسلم .

                                                                                                                                            ولأن حال الإحرام أكمل أحوال الحي وهو لا يلبس المخيط ، وكذلك حالة الموت أشبه بها . وأما إلباس النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي قميصه ، فإنما فعل ذلك تكرمة لابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي ، وإجابة لسؤاله حين سأله ذلك ; ليتبرك به أبوه ، ويندفع عنه العذاب ببركة قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل : إنما فعل ذلك جزاء لعبد الله بن أبي عن كسوته العباس قميصه يوم بدر . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية