الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين ومائة

فمن الحوادث فيها هلاك قحطبة بن شبيب ، وكان السبب في ذلك أن قحطبة لما نزل بخانقين ، وابن هبيرة بجلولاء ، وبينهما خمسة فراسخ وأمده مروان بعشرين ألفا من أهل الشام والتقيا ، فحمل على ابن هبيرة ، فولى أصحابه منهزمين ، وفقدوا قحطبة فبايعوا حميد بن قحطبة ، فسار حتى نزل كربلاء ، ثم اجتمعوا على الحسن بن قحطبة ، ثم وجد قحطبة قتيلا في جدول فدفنوه .

وفي رواية: أن معن بن زائدة ضرب قحطبة على حبل عاتقه فسقط في الماء ، فأخرجوه ، فقال: إن مت فألقوني في الماء لا يعلم أحد بقتلي ، فإذا قدمتم الكوفة فوزير الإمام أبو سلمة حفص بن سليمان ، فسلموا هذا الأمر إليه ، ورجع ابن هبيرة إلى واسط .

وفي هذه السنة: خرج محمد بن خالد بالكوفة ، وسود قبل أن يدخلها الحسن بن قحطبة ، وضبطها ، وأخرج عنها عامل ابن هبيرة ، ثم دخلها الحسن .

وكان قد خرج محمد بن خالد ليلة عاشوراء ، وعلى الكوفة زياد بن صالح الحارثي ، فسار إلى القصر ، فارتحل زياد وأهل الشام وخلوا القصر فدخله محمد بن صالح ، فلما أصبح يوم الجمعة وذلك صبيحة اليوم الثاني من مهلك قحطبة بلغه نزول [ ص: 294 ] حوثرة ومن معه مدينة ابن هبيرة ، وأنه تهيأ للمسير إلى محمد ، فتفرق الناس عن محمد ، فأرسل إليه أبو سلمة الخلال يأمره بالخروج من القصر واللحوق بأسفل الفرات ، فإنه يخاف عليه لقلة من معه ، فأبى محمد وجاء أصحاب حوثرة ، فصاروا مع محمد ، فارتحل الحسن بن قحطبة نحو الكوفة ، فدخلها واستخرجوا أبا سلمة بالنخيلة يومين ، ثم ارتحل إلى حمام أعين ، ووجه الحسن بن [قحطبة إلى] واسط لقتال ابن هبيرة ، وخطب أبو سلمة حين بايعه أهل خراسان فدعا إلى طاعة بني العباس ، وفرق العمال في البلدان ، ووجه بسام بن إبراهيم إلى عبد الواحد بن عمر بن هبيرة وهو بالأهواز ، فقاتله بسام حتى فضه ، فلحق بسلم بن قتيبة الباهلي وهو بالبصرة وهو يومئذ عامل ليزيد بن عمر بن هبيرة ، وكتب إلى سفيان بن معاوية بعهده إلى البصرة ، وأمره أن يظهر بها دعوة بني العباس ، وينفي سلم بن قتيبة .

فكتب سفيان إلى سلم يأمره بالتحول عن دار الإمارة ويخبره بما أتاه من رأي أبي سلمة ، فأبى سلم ذلك ، وامتنع منه . وحشد مع سفيان جميع اليمانية ، وغيرهم ، وحلفاءهم ، وجنح إليه قائد من قواد ابن هبيرة كان بعثه مددا لسلم في ألفي رجل من كلب ، فأجمع السير إلى سلم فاستعد له سلم .

فقدم سفيان يوم الخميس في صفر ، فالتقوا فانكسر سفيان وقتل ابنه وانهزم ومن معه ، ولم يزل سلم مقيما بالبصرة حتى بلغه قتل ابن هبيرة فشخص عنها .

واجتمع من بالبصرة من ولد الحارث بن عبد المطلب إلى محمد بن جعفر ، فولوه أمرهم ، فوليهم أياما حتى قدم عبد الله بن أسد الخزاعي من قبل أبي مسلم .

وفي هذه السنة: بويع لأبي العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب .

[ ص: 295 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية