الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان ذلك موضع عجب من عدم إعجال الضلال بالعذاب وإمهالهم إلى أن أوقع بهم في غزوة بدر لا سيما مع قوله: إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح بين السر في ذلك وإن بالغوا في استعجاله [ ص: 270 ] فقال: وإذ قالوا أي: إرادة المكابرة بالتخييل إلى الناس أنهم على القطع من أنه باطل وإلا لما دعوا بهذا الدعاء اللهم أي: يا من له تمام الملك وعموم الملك إن كان هذا أي: الأمر الذي أتانا به محمد هو أي: لا ما نحن عليه الحق حال كونه منزلا من عندك وقال الزجاج : إنه لا يعلم أحدا قرأ: "الحق" بالرفع. أفاده أبو حيان .

                                                                                                                                                                                                                                      فأمطر علينا حجارة ولعل تقييده بقوله: من السماء مع أن الإمطار لا يكون إلا منها - لإزالة وهم من يتوهم أن الإمطار مجاز عن مطلق الرجم وأنه إنما ذكر لبيان أن الحجارة المرجوم بها في الكثرة مثل المطر أو ائتنا بعذاب أليم أي: غير الحجارة، ولعل مرادهم بقولهم ذلك الإشارة إلى أن مجيء الوحي إليك من السماء خارق كما أن إتيان الحجارة منها كذلك، فإن كنت صادقا في إتيان الوحي إليك منها فأتنا بحجارة منها كما أتت الحجارة منها أصحاب الفيل صونا من الله لبيته الذي أراد الجيش انتهاك حرمته وإعظاما له - أشار إلى ذلك أبو حيان ، وهذه الآية والتي قبلها في "النضر بن الحارث أسره المقداد يوم بدر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله فقال المقداد : أسيري يا رسول الله! فقال: إنه كان يقول في كتاب الله تعالى ما يقول، فعاد المقداد رضي الله عنه لقوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أغن [ ص: 271 ] المقداد من فضلك، فقال: ذاك الذي أردت يا رسول الله! فقتله النبي صلى الله عليه وسلم فأنشدت أخته قتيلة أبياتا منها:


                                                                                                                                                                                                                                      ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق



                                                                                                                                                                                                                                      "فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو بلغني هذا الشعر قبل قتله لمننت عليه"
                                                                                                                                                                                                                                      وعن معاوية رضي الله عنه أنه قال لرجل من سبأ: ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة! قال: أجهل من قومي قومك قالوا: إن كان هذا هو الحق من عندك وما قالوا: فاهدنا به، والسر الذي بينه في هذه الآية في إمهالهم هو أنه ما منعه من الإسراع في إجابة دعائهم كما فعل في وقعة بدر إلا إجلال مقامه صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم فقال:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية