الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 468 ] وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله [ ص: 469 ] عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون

                                                                                                                                                                                                عهد الله: هي البيعة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الإسلام، إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله [الفتح: 10]، ولا تنقضوا : إيمان البيعة، بعد توكيدها : أي: بعد توثيقها باسم الله، وأكد ووكد: لغتان فصيحتان، والأصل: الواو، والهمزة: بدل، كفيلا : شاهدا ورقيبا; لأن الكفيل مراع لحال المكفول به مهيمن عليه، ولا تكونوا : في نقض الأيمان كالمرأة التي أنحت على غزلها بعد أن أحكمته وأبرمته فجعلته "أنكاثا": جمع نكث، وهو ما ينكث فتله، قيل: هي ريطة بنت سعد بن تيم وكانت خرقاء، اتخذت مغزلا قدر ذراع وصنارة مثل أصبع وفلكة عظيمة على قدرها، فكانت تغزل هي وجواريها من الغداة إلى الظهر، ثم تأمرهن فينقضن ما غزلن، تتخذون : حال [ ص: 470 ] و "دخلا": أحد مفعولي اتخذ، يعني: ولا تنقضوا أيمانكم متخذيها دخلا "بينكم" أي: مفسدة ودغلا، أن تكون أمة : بسبب أن تكون أمة، يعني: جماعة قريش، هي أربى من أمة : هي أزيد عددا وأوفر مالا، من أمة من جماعة المؤمنين، إنما يبلوكم الله به : الضمير لقوله: أن تكون أمة; لأنه في معنى: المصدر، أي: إنما يختبركم بكونهم أربى، لينظر أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله وما عقدتم على أنفسكم ووكدتم من أيمان البيعة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أم تغترون بكثرة قريش وثروتهم وقوتهم، وقلة المؤمنين وفقرهم وضعفهم؟، وليبينن لكم : إنذار وتحذير من مخالفة ملة الإسلام.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية