الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي : هذا باب في بيان سبب نزول قوله تعالى : لا يستوي القاعدون الآية ، والقاعدون جمع قاعد وأراد بهم القاعدين عن الجهاد ، وكلمة من للبيان والتبعيض ، وأريد بالجهاد غزوة بدر قاله ابن عباس ، وقال مقاتل : غزوة تبوك ، والضرر مثل العمى والعرج والمرض ، قوله : " والمجاهدون " عطف على قوله : " القاعدون " .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وفضل الله المجاهدين " هذه الجملة موضحة للجملة الأولى التي فيها عدم استواء القاعدين والمجاهدين ، كأنه قيل : ما بالهم لا يستوون ؟ فأجيب بقوله : " فضل الله المجاهدين " قوله : " درجة " نصب بنزع الخافض ، وقيل : مصدر في معنى تفضيلا ، وقيل : حال ، أي : ذوي درجة ، قوله : " وكلا " أي : وكل فريق من القاعدين والمجاهدين ، قوله : " وعد الله الحسنى " أي : المثوبة الحسنى وهي الجنة ، قوله : " إلى قوله " غفورا رحيما " " أراد به تمام الآية ، وهو قوله على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما

                                                                                                                                                                                  قال الزمخشري : أجرا ، انتصب بفضل ; لأنه في معنى آجرهم أجرا ، قوله : " درجات " أي : في الجنة ، قال الزمخشري : ويجوز أن ينتصب درجات نصب درجة ، كما نقول : ضربه أسواطا ، بمعنى ضربات ، كأنه قيل : وفضلهم تفضيلا ، قوله : " ومغفرة ورحمة " بدل من أجرا وكان الله غفورا رحيما للفريقين .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : ما الحكمة في أن الله تعالى ذكر في أول الكلام درجة ، وفي آخره درجات . قلت : الأولى لتفضيل المجاهدين على أولي الضرر ، والثانية للتفضيل على غيرهم ، وقيل : الأولى درجة المدح والتعظيم ، والثانية منازل الجنة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية