الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن المبارك في “ الزهد “ وأبو عبيد في " فضائله " وسعيد بن منصور في " سننه " وأحمد في “ الزهد “، وابن أبي حاتم ، وأبو نعيم في “ الحلية “، والبيهقي في " شعب الإيمان " عن ابن مسعود ، أن رجلا أتاه فقال : اعهد إلي، فقال : إذا سمعت الله يقول : "يا أيها الذين آمنوا" فأوعها سمعك فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 539 ] وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو نعيم في “ الحلية “ عن خيثمة قال : ما تقرءون في القرآن "يا أيها الذين آمنوا" فإنه في التوراة يا أيها المساكين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وأبو الشيخ عن خيثمة قال : ما كان في القرآن "يا أيها الذين آمنوا" فإنه في التوراة والإنجيل يا أيها المساكين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم في “ الدلائل “ عن ابن عباس قال : راعنا بلسان اليهود السب القبيح، فكان اليهود يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم سرا، فلما سمعوا أصحابه يقولون أعلنوا بها، فكانوا يقولون ذلك ويضحكون فيما بينهم، فأنزل الله الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم في “ الدلائل “ عن ابن عباس قال : لا تقولوا راعنا وذلك أنها سبة بلغة اليهود، فقال تعالى وقولوا انظرنا يريد اسمعنا فقال المؤمنون بعدها : من سمعتموه يقولها فاضربوا عنقه . فانتهت اليهود بعد ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والطبراني عن ابن عباس في قوله : [ ص: 540 ] لا تقولوا راعنا قال : كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : أرعنا سمعك . وإنما (راعنا) كقولك : أعطنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن السدي قال : كان رجلان من اليهود؛ مالك بن الصيف ورفاعة بن زيد، إذا لقيا النبي صلى الله عليه وسلم قالا له وهما يكلمانه : راعنا سمعك واسمع غير مسمع . فظن المسلمون أن هذا شيء كان أهل الكتاب يعظمون به أنبياءهم، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فأنزل الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن أبي صخر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أدبر ناداه من كانت له حاجة من المؤمنين فقالوا : أرعنا سمعك، فأعظم الله رسوله أن يقال له ذلك، وأمرهم أن يقولوا : انظرنا ليعزروا رسوله ويوقروه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وأبو نعيم في “ الدلائل “ عن قتادة في قوله : لا تقولوا راعنا قال : قولا كانت اليهود تقوله استهزاء، فكرهه الله للمؤمنين أن يقولوا كقولهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 541 ] وأخرج ابن جرير ، وأبو نعيم في “ الدلائل “ عن عطية في قوله : لا تقولوا راعنا قال : كان أناس من اليهود يقولون : راعنا سمعك حتى قالها أناس من المسلمين فكره الله لهم ما قالت اليهود .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن إسحاق ، وابن جرير عن ابن عباس في قوله : لا تقولوا راعنا أي أرعنا سمعك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد في قوله : لا تقولوا راعنا قال : خلافا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : لا تقولوا راعنا قال : لا تقولوا اسمع منا ونسمع منك وقولوا انظرنا أفهمنا بين لنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : إن مشركي العرب كانوا يقولون إذا حدث بعضهم بعضا يقول أحدهم لصاحبه : أرعني سمعك، فنهوا عن ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير والنحاس في " ناسخه " عن عطاء في قوله : لا تقولوا راعنا قال : كانت لغة في الأنصار في الجاهلية؛ [ ص: 542 ] فنهاهم الله أن يقولوها وقال : قولوا : انظرنا واسمعوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه قرأ : (راعنا) وقال : الراعن من القول السخري منه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله : واسمعوا قال : اسمعوا ما يقال لكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم في “ الحلية “ عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنزل الله آية فيها "يا أيها الذين آمنوا" إلا وعلي رأسها وأميرها، قال أبو نعيم : لم نكتبه مرفوعا إلا من حديث ابن أبي خيثمة، والناس رأوه موقوفا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية