الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ؛ المعنى أنها راودته عما أرادته مما يريد النساء من الرجال؛ فعلم بتركه ذكر الفاحشة نفسها؛ ما راودته عليه؛ وقالت هيت لك ؛ المعنى: "هلم لك"؛ أي: "أقبل إلى ما أدعوك إليه" .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 100 ] وفي "هيت لك"؛ لغات: يجوز "هيت لك"؛ و"هيت"؛ وأجودها؛ وأكثرها: "هيت"؛ بفتح التاء؛ ورويت عن علي - رضي الله عنه -: "هيت لك"؛ فأما الفتح مع فتح التاء؛ والهاء؛ فهو أكثر كلام العرب؛ قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        أبلغ أمير المؤمنيـ ـن أخا العراق إذا أتيتا     أن العراق وأهله
                                                                                                                                                                                                                                        عنق إليك فهيت هيتا

                                                                                                                                                                                                                                        أي: "فأقبل وتعال"؛ وحكى قطرب أنه أنشده بعض أهل الحجاز لطرفة بن العبد :


                                                                                                                                                                                                                                        ليس قومي بالأبعدين إذا ما     قال داع من العشيرة هيت
                                                                                                                                                                                                                                        هم يجيبون ذا هلم سراعا     كالأبابيل لا يغادر بيت



                                                                                                                                                                                                                                        رويت عن ابن عباس : "هئت لك"؛ مهموزة؛ مكسورة الهاء؛ من "الهيئة"؛ كأنها قالت: "تهيأت لك"؛ فأما الفتح في "هيت"؛ فلأنها بمنزلة الأصوات؛ ليس منها فعل يتصرف؛ ففتحت التاء لسكونها؛ وسكون الياء؛ واختير الفتح؛ لأن قبل التاء ياء؛ كما قالوا: "كيف"؛ و"أين"؛ ومن قال: "هيت لك"؛ بكسر التاء؛ فلأن أصل التقاء الساكنين حركة الكسر؛ ومن قال: "هيت"؛ ضمها لأنها في معنى الغايات؛ كأنها قالت: "دعائي لك"؛ ولما حذفت الإضافة؛ وتضمنت معناها؛ بنيت على الضم؛ كما بنيت "حيث"؛ و"منذ يا هذا"؛ وقراءة علي: "هئت لك"؛ بمنزلة "هيت"؛ والحجة فيها كالحجة فيها مفتوحة.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 101 ] ثم قال: معاذ الله ؛ مصدر؛ المعنى: "أعوذ بالله أن أفعل هذا"؛ تقول: "عذت؛ عياذا؛ ومعاذا"؛ إنه ربي ؛ أي: إن العزيز صاحبي؛ أحسن مثواي ؛ أي: تولاني في طول مقامي؛ إنه لا يفلح الظالمون

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية