الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنـزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير

                                                                                                                                                                                                                                      41 - واعلموا أنما غنمتم "ما" بمعنى الذي، ولا يجوز أن يكتب إلا مفصولا إذ لو كتب موصولا، لوجب أن تكون ما كافة. وغنمتم صلته، والعائد محذوف، والتقدير: الذي غنمتموه من شيء بيانه. قيل: حتى الخيط والمخيط فأن لله خمسه والفاء إنما دخلت لما في "الذي" من معنى المجازاة. وأن وما عملت فيه في موضع رفع على أنه خبر مبتدأ، تقديره: فالحكم: أن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فالخمس كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم على خمسة أسهم: سهم لرسول الله، وسهم لذوي قرابته من بني هاشم وبني المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل -استحقوه حينئذ بالنصرة لقصة عثمان وجبير بن مطعم- وثلاثة أسهم لليتامى، والمساكين، وابن السبيل. وأما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسهمه ساقط بموته، وكذلك سهم ذوي القربى، وإنما يعطون لفقرهم، ولا يعطى أغنياؤهم. فيقسم على اليتامى، والمساكين، وابن السبيل. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان [ ص: 646 ] على ستة: لله والرسول سهمان، وسهم لأقاربه حتى قبض، فأجرى أبو بكر رضي الله عنه الخمس على ثلاثة، وكذا عمر ومن بعده من الخلفاء رضي الله عنهم ومعنى لله وللرسول: لرسول الله، كقوله: والله ورسوله أحق أن يرضوه [التوبة: 62] إن كنتم آمنتم بالله فاعملوا به، وارضوا بهذه القسمة، فالإيمان يوجب الرضا بالحكم، والعمل بالعلم وما أنـزلنا معطوف على "بالله" أي: إن كنتم آمنتم بالله وبالمنزل على عبدنا يوم الفرقان يوم بدر يوم التقى الجمعان الفريقان من المسلمين والكافرين، والمراد: ما أنزل عليه من الآيات والملائكة والفتح يومئذ، وهو بدل من يوم الفرقان والله على كل شيء قدير يقدر على أن ينصر القليل على الكثير، كما فعل بكم يوم بدر.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية