الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            31 - 12 - باب التسليم لما قدره الله - سبحانه .

                                                                                            11845 عن ابن عباس قال : لما بعث الله - جل ذكره - موسى - عليه السلام - وأنزل عليه التوراة ، قال : اللهم إنك رب عظيم ، ولو شئت أن تطاع لأطعت ، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت ، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى ، فكيف هذا يا رب ؟ فأوحى الله [ ص: 200 ] إليه : إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون [ فانتهى موسى - عليه السلام ] ، فلما بعث الله - عز وجل - عزيرا ، وأنزل عليه التوراة بعدما كان رفعها عن بني إسرائيل حتى قال من قال منهم : إنه ابن الله ، قال : اللهم إنك رب عظيم ، لو شئت أن تطاع أطعت ، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت ، وأنت تحب أن تطاع وأنت [ في ذلك ] تعصى ، فكيف هذا يا رب ؟ فأوحى الله إليه : لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، فأبت نفسه حتى سأل أيضا ، فقال : اللهم إنك رب عظيم ، لو شئت أن تطاع أطعت ، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت ، وأنت تحب أن تطاع وأنت تعصى ، فكيف هذا يا رب ؟ فأوحى الله إليه : إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، فأبت نفسه حتى سأل أيضا ، فقال : اللهم إنك عظيم ، لو شئت أن تطاع أطعت ، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت ، وأنت تحب أن تطاع وأنت تعصى ، فكيف هذا يا رب ؟ فأوحى الله إليه : إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، فأبت نفسه حتى سأل أيضا ، قال : أفتستطيع أن تصر صرة من الشمس ؟ قال : لا ، قال : أفتستطيع أن تجيء بمكيال من ريح ؟ قال : لا ، قال : أفتستطيع أن تأتي بمثقال من نور ؟ قال : لا ، قال : فهكذا لا تقدر على الذي سألت عنه ، إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، أما إني لا أجعل عقوبتك إلا أن أمحي اسمك من الأنبياء فلا تذكر فيهم ، فمحى اسمه من الأنبياء فليس يذكر فيهم وهو نبي ، فلما بعث الله عيسى ، ورأى منزلته من ربه ، وعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى ، وينبئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ، قال : اللهم إنك رب عظيم ، لو شئت أن تطاع لأطعت ، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت ، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى ، فكيف هذا يا رب ؟ فأوحى الله إليه : إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، وأنت عبدي ورسولي ، وكلمتي ألقيتك إلى مريم ، وروح مني ، خلقتك من تراب ، ثم قلت لك : كن فكنت ، لئن لم تنته لأفعلن بك كما فعلت بصاحبك بين يديك ، إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون ، فجمع عيسى من تبعه ، فقال : القدر ستر الله فلا تكلفوه .

                                                                                            رواه الطبراني ، وفيه أبو يحيى القتات ، وهو ضعيف عند الجمهور ، وقد وثقه ابن معين في رواية وضعفه في غيرها ، ومصعب بن سوار لم أعرفه ، وبقية رجاله رجال الصحيح .

                                                                                            [ ص: 201 ]

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية