الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 3 ]

( بسم الله الرحمن الرحيم )

وهو حسبي

ثم دخلت سنة سبع وثلاثين ومائة

فمن الحوادث فيها:

قدوم المنصور من مكة ، ونزوله الحيرة ، فوجد عيسى بن موسى قد شخص إلى الأنبار ، واستخلف على الكوفة طلحة بن إسحاق بن محمد بن الأشعث ، فدخل أبو جعفر الكوفة ، فصلى الجمعة بأهلها ، وخطبهم وأعلمهم أنه راحل عنهم ، ثم وافاه أبو مسلم بالحيرة ، ثم شخص أبو جعفر إلى الأنبار ، فأقام بها ، وجمع إليه أطرافه ، وقد كان عيسى بن موسى قد أحرز بيوت الأموال والخزائن والدواوين حتى قدم عليه أبو جعفر ، فبايع الناس له بالخلافة ، ثم لعيسى بن موسى من بعده ، وسلم الأمر إلى أبي جعفر ، وبعث يزيد بن زياد وهو حاجب أبي العباس إلى عبد الله بن علي ببيعة أبي جعفر ، وذلك بأمر أبي العباس قبل أن يموت حين أمر الناس بالبيعة ، فلما قدم عليه دعا الناس إلى نفسه وقال: إن أبا العباس حين أراد أن يوجه الجنود إلى مروان بن محمد دعا بني أمية فأرادهم على المسير إلى مروان وقال: من انتدب منكم فسار إليه فهو ولي عهدي ، فلم ينتدب له غيري ، فعلى هذا خرجت من عنده ، وقبلت من قبلت ، فقام أبو غانم الطائي ، وخفاف المروزي في عدة من قواد أهل خراسان ، فشهدوا له بذلك ، فبايعه أبو غانم ، وخفاف ، وأبو الإصبع ، وجميع من كان معه من أولئك القواد منهم حميد بن قحطبة وغيره ، فلما فرغ من البيعة ارتحل فنزل حران وبها مقاتل العكي ، وكان أبو جعفر استخلفه لما قدم على أبي العباس ، فأراد مقاتلا على البيعة فلم يجبه وتحصن [ ص: 4 ] منه ، فأقام عليه وحصره ، وسرح أبو جعفر لقتال عبد الله بن علي أبا مسلم ، فسار إليه وقد جمع الجنود والسلاح وخندق ، وجمع الطعام والأعلاف ، فسار أبو مسلم ومعه القواد كلهم ، وبعث مقدمته مالك بن الهيثم الخزاعي ، وكان معه الحسن وحميد ابنا قحطبة ، وكان حميد قد فارق عبد الله بن علي ، وكان عبد الله أراد قتله ، فإنه كتب إلى زفر بن عاصم إلى حلب: إذا قدم عليك فاقتله . ففتح حميد الكتاب وعلم ما فيه ، فلم يذهب .

ولما بلغ عبد الله مسير أبي مسلم إليه أعطى العكي أمانا ، فخرج إليه فيمن كان معه ، ثم وجهه إلى عثمان بن عبد الأعلى إلى الرقة ومعه ابناه ، وكتب إليه كتابا ، فلما قدموا على عثمان قتل العكي وحبس ابنيه ، فلما بلغته هزيمة عبد الله بن علي أخرجهما فقتلهما وكان عبد الله بن علي قد خشي أن لا تناصحه أهل خراسان فقتل منهم نحوا من سبعة عشر ألفا ، ثم اقتتلوا خمسة أشهر أو ستة ، وعمل لأبي مسلم عريشا ، فكان يجلس عليه إذا التقى الناس فينظر إلى القتال ، فإن رأى خللا في أصحابه أصلحه ، ثم إن أصحاب عبد الله بن علي انهزموا وتركوا عسكرهم ، فاحتواه أبو مسلم ، وكتب بذلك إلى أبي جعفر ، ومضى عبد الله وعبد الصمد بن علي ، وكانا مع عبد الله .

فأما عبد الصمد فقدم الكوفة ، فاستأمن له عيسى بن موسى ، فأمنه أبو جعفر .

وأما عبد الله بن علي فأتى سليمان بن علي بالبصرة ، فأقام عنده ، وأمن أبو مسلم الناس ، فلم يقتل أحدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية