الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وقد ذكر الله تعالى عذابهم، فقال تعالى في كتابه العزيز:

                                                          وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم

                                                          هذا وعيد الله تعالى للمنافقين والمنافقات، ويلاحظ هنا أنه أظهر في موضع الإضمار، فذكرهم بأوصافهم للدلالة على أن النفاق هو السبب في هذا العقاب الشديد، ونص على النساء المنافقات; لأنهن يكون الأسرة التي يعشش فيها، ويشتركن في إيجاد البيئة المنافقة التي يسودها الفساد ويحكمها الشر، وقد ذكر الكفار بعد المنافقين، وهم والمنافقون داخلون في الكفر; لأنهم كفار يزيدون النفاق، ولذا قدموا لأنهم أوغلوا في الكفر، والكافر الضال مظنة التوبة كما تاب الطلقاء وأبناء الطلقاء، وأما المنافق فإنه ملتوي النفس ملتوي الفكر، وقد يكون [ ص: 3365 ] الكفار سبب كفرهم عصبية جاهلية، أما المنافقون فسبب كفرهم مع هذا الانحياز الذي يشبه الانحياز العصبي فإنه يوجد في رءوسهم ضلال في الفكر والتواء في القصد.

                                                          وذكر سبحانه الموعود فقال: نار جهنم خالدين فيها

                                                          ذكر ثلاثة أولها نار جهنم، يلقون فيها وهي تتسع لهم جهنم لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم وهي مراتب ودركات، إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار فهم أشد الكفار عقابا، وأعظمهم عذابا.

                                                          ويقول سبحانه: هي حسبهم هي الكافية، وهذا يدل على هولها وشدتها، كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها، وهي عقاب مادي.

                                                          والنوع الثاني: عقاب معنوي، وهو الطرد والإبعاد المعنوي، وعبر عنه سبحانه وتعالى بقوله: ولعنهم أي: طردهم من رحمته، وأبعدهم عنه سبحانه لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم.

                                                          الثالث: عبر عنه بقوله تعالى: ولهم عذاب مقيم أي: مستمر دائم، وعطفه على هذين السابقين دليل على أنه غيرهما; لأن العطف يقتضي المغايرة، ولم يعين سبحانه نوعه، ولكنه أخبر به فيجب علينا أن نصدقه.

                                                          قال تعالى:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية