الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      جامع ما جاء في القرآن

                                                                                                      933 أخبرنا إسحق بن إبراهيم قال أنبأنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت سأل الحارث بن هشام رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي قال في مثل صلصلة الجرس فيفصم عني وقد وعيت عنه وهو أشده علي وأحيانا يأتيني في مثل صورة الفتى فينبذه إلي

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      933 ( كيف يأتيك الوحي ) يحتمل أن يكون المسئول عنه صفة للوحي نفسه ، ويحتمل أن يكون صفة حامله أو ما هو أعم من ذلك ( قال : أحيانا ) نصب على الظرف وعامله ( يأتيني ) مؤخر عنه ( في مثل صلصلة الجرس ) صادين مهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة ، وهي في الأصل صوت وقوع الحديد بعضه على [ ص: 147 ] بعض ، ثم أطلق على كل صوت له طنين ، وقيل : هو صوت متدارك لا يدرك في أول وهلة ، والجرس الجلجل الذي يعلق في رءوس الدواب ، فإن قيل : كيف شبه المحمود بالمذموم؟ فإن صوت الجرس مذموم لصحة النهي عنه ، والإعلام بأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها جرس ، فالجواب أنه لا يلزم في التشبيه تساوي المشبه بالمشبه به في كل صفاته ، بل يكفي اشتراكهما في صفة ما ، والمقصود هنا بيان الحس ، فذكر ما ألف السامعون سماعه تقريبا لأفهامهم ، وأخذ من هذا جواز تشبيه الشعراء ريق المحبوبة ونحوه بالخمر ، واستدل عليه بقول كعب :


                                                                                                      كأنه منهل بالراح معلول

                                                                                                      وقد أنشده في حضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقره ، والصلصلة المذكورة : صوت الملك بالوحي ، قال الخطابي : يريد أنه صوت متدارك يسمعه ولا يثبته أول ما يسمعه حتى يفهمه بعد ، وقيل : بل هو صوت حفيف أجنحة الملك ، والحكمة في تقدمه أن يفرغ سمعه للوحي فلا يبقى فيه مكان لغيره ( وهو أشده علي ) قال البلقيني : سبب ذلك أن الكلام العظيم له مقدمات تؤذن بتعظيمه للاهتمام به ، وقال بعضهم : إنما كان شديدا عليه ليستجمع قلبه فيكون أوعى لما سمع ، وقيل : إنما كان ينزل هكذا إذا نزلت آية وعيد أو تهديد ، وفائدة هذه الشدة ما يترتب على المشقة من زيادة الزلفى والدرجات




                                                                                                      الخدمات العلمية