الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      المسألة الثالثة [ إجماع الصحابة ] إجماع الصحابة حجة بلا خلاف بين القائلين بحجية الإجماع ، وهم أحق الناس بذلك ، ونقل عبد الوهاب عن قوم من المبتدعة أن إجماعهم ليس بحجة ، وهكذا إجماع غيرهم من العلماء في سائر الأعصار خلافا لداود الظاهري حيث قال : إجماع اللازم يختص بعصر الصحابة ، فأما إجماع من بعدهم فليس بحجة ، وهو ظاهر كلام ابن حبان البستي منا في صحيحه ، وقيل : إن أحمد علق القول به في رواية أبي داود ، فقال : [ ص: 439 ] الإجماع أن يتبع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وهو بعد في التابعين مخير ، لكنه في الرواية الأخرى سوى بين الكل . فمن أصحابه من أجرى له قولين ومنهم من قطع بالثاني ، وحمل الأول على آحاد التابعين ، لا إجماعهم . وأما قول أبي حنيفة : إذا أجمعت الصحابة على شيء سلمناه ، وإذا أجمع التابعون زاحمناهم ، فليس ذلك موافقا لداود ; لأنه رأى نفسه من التابعين ، فقد رأى أنسا رضي الله عنه . وقيل : أدرك أربعة منهم ، ولنا أن الإجماع إنما يكون عن أصل ، وهو شامل للكل ، وبالشهادة بالعصمة ، وهو عام ، فتخصيصه تحكم ، وهو كالقائل لا حجة إلا في قياس الصحابة بدليل { ويتبع غير سبيل المؤمنين } ، وخص أبو الحسن السهيلي في " أدب الجدل " النقل عن داود بما إذا أجمعوا عن نص كتاب أو سنة قال : فأما إذا أجمعوا على حكم من جهة القياس ، فاختلفوا فيه ، وقد سبق ، وقال ابن القطان : ذهب داود وأصحابنا إلى أن الإجماع إنما هو إجماع الصحابة فقط ، وهو قول لا يجوز خلافه ; لأن الإجماع إنما يكون عن توقيف ، والصحابة هم الذين شهدوا التوقيف . فإن قيل : فما يقولون في إجماع من بعدهم . أيجوز أن يجمعوا على خطأ ؟ قلنا : هذا لا يجوز لأمرين . أحدهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب عن ذلك بقوله : { لا يزال طائفة من [ ص: 440 ] أمتي ظاهرين على الحق } . والثاني : أن سعة أقطار المسلمين ، وكثرة العدد لا يمكن أحدا ضبط أقوالهم ، ومن ادعى هذا لا يخفى على أحد كذبه .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية