الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " ألا إن أولياء الله " روى ابن عباس أن رجلا قال : يا رسول الله ، من أولياء الله ؟ قال " الذين إذا رؤوا ذكر الله " . وروى عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله عز وجل " قالوا : يا رسول الله ، من هم ، وما أعمالهم لعلنا نحبهم ؟ قال " هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم [ ص: 44 ] ولا أموال يتعاطونها ، فوالله إن وجوههم لنور ، وإنهم لعلى منابر من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس " ، ثم قرأ " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " لهم البشرى في الحياة الدنيا " فيها ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : أنها الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح ، أو ترى له ، رواه عبادة بن الصامت ، وأبو الدرداء ، وجابر بن عبد الله ، وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أنها بشارة الملائكة لهم عند الموت ، قاله الضحاك ، وقتادة ، والزهري .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث : أنها ما بشر الله به في كتابه من جنته وثوابه ، كقوله : وبشر الذين آمنوا [البقرة :25] ، وأبشروا بالجنة [فصلت :30] ، يبشرهم ربهم [التوبة :21] ، وهذا قول الحسن ، واختاره الفراء ، والزجاج ، واستدلا بقوله : " لا تبديل لكلمات الله " . قال ابن عباس : لا خلف لمواعيده ، وذلك أن مواعيده بكلماته ، فإذا لم تبدل الكلمات ، لم تبدل المواعيد .

                                                                                                                                                                                                                                      فأما بشراهم في الآخرة ، ففيها ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : أنها الجنة ، رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، واختاره ابن قتيبة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 45 ] والثاني : أنه عند خروج الروح تبشر برضوان الله ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث : أنها عند الخروج من قبورهم ، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية