الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          128 - مسألة : فإن ولغ في الإناء الهر لم يهرق ما فيه ، لكن يؤكل أو يشرب أو يستعمل ، ثم يغسل الإناء بالماء مرة واحدة فقط ، ولا يلزم إزالة لعابه مما عدا الإناء والثوب بالماء لكن بما أزاله ومن الثوب بالماء فقط .

                                                                                                                                                                                          حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله الطلمنكي ثنا ابن مفرج ثنا محمد بن أيوب الصموت ثنا أحمد بن عمرو البزار ثنا عمرو بن علي الصيرفي ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد ثنا قرة بن خالد عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسله سبع مرات والهر مرة } . [ ص: 127 ]

                                                                                                                                                                                          حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ثنا وهب بن مسرة ثنا ابن وضاح ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا زيد بن الحباب ثنا مالك بن أنس أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري عن حميدة بنت عبيد بن رافع { عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت ولد أبي قتادة أنها صبت لأبي قتادة ماء يتوضأ به ، فجاءت هرة تشرب فأصغى لها الإناء فجعلت أنظر ، فقال : أتعجبين يا ابنة أخي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها ليست بنجس ، إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات } .

                                                                                                                                                                                          قال علي : فوجب غسل الإناء ولم يجب إهراق ما فيه ; لأنه لم ينجس ، ووجب غسل لعابه من الثوب ، لأن الهر ذو ناب من السباع فهو حرام ، وبعض الحرام حرام ، وليس كل حرام نجسا ، ولا نجس إلا ما سماه الله تعالى أو رسوله نجسا ، والحرير والذهب حرام على الرجال وليسا بنجسين .

                                                                                                                                                                                          وقال الله تعالى : { وثيابك فطهر } .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو حنيفة : يهرق ما ولغ فيه الهر ولا يجزئ الوضوء به ، ويغسل الإناء مرة . وهذا خلاف كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية أبي قتادة .

                                                                                                                                                                                          وقال مالك والشافعي : يتوضأ بما ولغ فيه الهر ولا يغسل منه الإناء ، وهذا خلاف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية [ ص: 128 ] أبي هريرة .

                                                                                                                                                                                          وممن أمر بغسل الإناء من ولوغ الهر أبو هريرة وسعيد بن المسيب والحسن البصري وطاوس وعطاء .

                                                                                                                                                                                          إلا أن طاوسا وعطاء جعلاه بمنزلة ما ولغ فيه الكلب .

                                                                                                                                                                                          وممن أباح أن يستعمل ما ولغ فيه الهر أبو قتادة وابن عباس وأبو هريرة وأم سلمة وعلي وابن عمر - باختلاف عنه - فصح قول أبي هريرة كقولنا نصا . والحمد لله رب العالمين .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية