الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم

                                                                                                                                                                                                                                      67 - ما كان لنبي ما صح له، ولا استقام أن يكون له أسرى (أن تكون) بصري، حتى يثخن في الأرض الإثخان: كثرة القتل والمبالغة فيه من: الثخانة، وهي: الغلظ والكثافة. يعني: حتى يذل الكفر بإشاعة القتل في أهله، ويعز الإسلام بالاستيلاء والقهر، ثم الأسر بعد ذلك. روي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بسبعين أسيرا، فيهم العباس عمه وعقيل، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر فيهم، فقال: قومك وأهلك استبقهم لعل الله يتوب عليهم، وخذ منهم فدية تقوي بها أصحابك. وقال عمرو رضي الله عنه: كذبوك، وأخرجوك، فقدمهم، واضرب أعناقهم، فإن هؤلاء أئمة الكفر، وإن الله أغناك عن الفداء، مكن عليا من عقيل، وحمزة من العباس، ومكني من فلان -لنسيب له- فلنضرب أعناقهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم حيث قال: ومن عصاني فإنك غفور رحيم [إبراهيم: 36] ومثلك يا عمر كمثل نوح حيث قال: رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا [نوح: 26]" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم :إن شئتم قتلتموهم، وإن شئتم فاديتموهم، واستشهد منكم بعدتهم". فقالوا: بل نأخذ الفداء، فاستشهدوا بأحد، فلما أخذوا الفداء نزلت الآية: تريدون عرض الدنيا متاعها، يعني: الفداء، سماه عرضا لقلة بقائه، وسرعة فنائه [ ص: 657 ] والله يريد الآخرة أي: ما هو سبب الجنة من إعزاز الإسلام بالإثخان في القتل والله عزيز يقهر الأعداء حكيم في عتاب الأولياء.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية