الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب بيض النعامة يصيبه المحرم

أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : إن أصبت بيض نعامة وأنت لا تدري غرمتها تعظم بذلك حرمات الله تعالى .

( قال الشافعي ) وبهذا نقول ; لأن بيضة من الصيد جزء منها ; لأنها تكون صيدا ولا أعلم في هذا مخالفا ممن حفظت عنه ممن لقيت وقول عطاء هذا يدل على أن البيضة تغرم وأن الجاهل يغرم ; لأن هذا إتلاف قياسا على قتل الخطإ وبهذا نقول .

( قال الشافعي ) وفي بيض النعام قيمته ; لأنه حيث يصاب من قبل أنه خارج مما له مثل من النعم وداخل فيما له قيمة من الطير مثل الجرادة وغيرها قياسا على الجرادة فإن فيها قيمتها فقلت : للشافعي : فهل تروي فيها شيئا عاليا ؟

قال أما شيء يثبت مثله فلا ، فقلت : فما هو ؟

فقال أخبرني الثقة عن أبي الزناد عن الأعرج { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بيضة النعامة يصيبها المحرم قيمتها } أخبرنا سعيد بن سالم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن عبد الله بن الحصين عن أبي موسى الأشعري أنه قال : في بيضة النعامة يصيبها المحرم صوم يوم أو إطعام مسكين أخبرنا سعيد عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود مثله فقلت للشافعي : أفرأيت إن كان في بيضة النعامة فرخ ؟

فقال لي : كل ما أصاب المحرم مما لا مثل له من النعم ولا أثر فيه من الطائر فعليه فيه قيمته بالموضع الذي أصابه فيه وتقومه عليه كما تقومه لو أصابه وهو لإنسان فتقوم البيضة لا فرخ فيها قيمة بيضة لا فرخ فيها ، والبيضة فيها فرخ قيمة بيضة فيها فرخ وهو أكثر من قيمة بيضة لا فرخ فيها

قلت : فإن كانت البيضة فاسدة ؟

قال : تقومها فاسدة إن [ ص: 210 ] كانت لها قيمة وتتصدق بقيمتها وإن لم يكن لها قيمة فلا شيء عليك فيها ؟

قلت : للشافعي أفيأكلها المحرم ؟

قال : لا ; لأنها من الصيد وقد يكون منها صيد

قلت : للشافعي فالصيد ممتنع وهو غير ممتنع .

( قال الشافعي ) وقد يكون من الصيد ما يكون مقصوصا وصغيرا فيكون غير ممتنع والمحرم يجزئه إذا أصابه فقلت : إن ذلك قد كان ممتنعا أو يؤول إلى الامتناع قال : وقد تؤول البيضة إلى أن يكون منها فرخ ثم يؤول إلى أن يمتنع .

الخلاف في بيض النعام

فقلت للشافعي : أخالفك أحد في بيض النعامة ؟

قال : نعم

قلت : قال ماذا قال ؟

قال قوم إذا كان في النعامة بدنة فتحمل على البدنة وروي هذا عن علي رضي الله عنه من وجه لا يثبت أهل العلم بالحديث مثله ولذلك تركناه وبأن من وجب عليه شيء لم يجزه بمغيب يكون ولا يكون ، وإنما يجزيه بقائم

قلت : للشافعي : فهل خالفك غيره ؟

قال نعم رجل كأنه سمع هذا القول فاحتذى عليه

قلت : وما قال فيه ؟

قال : عليه عشر قيمة أمه كما يكون في جنين الأمة عشر قيمة الأمة

قلت : أفرأيت لهذا وجها ؟

قال : لا . البيضة إن كانت جنينا كان لم يصنع شيئا من قبل أنها مزايلة لأمها فحكمها حكم نفسها ، والجنين لو خرج من أمه ثم قتله إنسان وهو حي كانت فيه قيمة نفسه ولو خرج ميتا فقطعه إنسان لم يكن عليه شيء فإن شئت فاجعل البيضة في حال ميت أو حي فقد فرق بينهما وما للبيضة والجنين ؟

إنما حكم البيضة حكم نفسها فلا يجوز إذا كانت ليست من النعم إلا أن يحكم فيها بقيمتها ( قال الشافعي ) : ولقد قال للقائل : ما في هذه البيضة شيء ; لأنها مأكولة غير حيوان وللمحرم أكلها ولكن هذا خلاف مذهب أهل العلم

التالي السابق


الخدمات العلمية