الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        وأما القبول فإن كانت الوصية لغير معين كالفقراء لزمت بالموت ، ولم يشترط [ ص: 142 ] فيها القبول . وإن كانت لمعين ، فالمذهب اشتراط القبول ولا يصح قبول ولا رد في حياة الموصي ، فله الرد وإن قبل في الحياة ، وبالعكس ؛ لأنه حق له قبل الموت ، فأشبه إسقاط الشفعة قبل البيع ، ولا يشترط الفور في القبول بعد الموت .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا هو الصحيح الذي قطع به الجمهور . وفيه وجه : يشترط الفور . حكاه صاحب " المستظهري " وليس بشيء . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        فإن رد بعد الموت ، فله أحوال .

                                                                                                                                                                        أحدها : أن يقع قبل القبول ، فترتد الوصية ، ويستقر الملك للورثة في الموصى به . ولو أوصى بالعين لواحد ، وبالمنفعة لآخر ، فرد الموصى له بالمنفعة ، فهل هي للورثة ، أم للموصى له بالعين ؟ وجهان : أصحهما : الأول . ولو أوصى بخدمة عبد لرجل سنة ، وقال : هو حر بعد سنة ، فرد الموصى له ، لم يعتق قبل السنة .

                                                                                                                                                                        الثاني : أن يقع بعد القبول ، وقبل الموصى له ، فلا يصح رده ، فإن راضى الورثة ، فهو ابتداء تمليك منه لهم .

                                                                                                                                                                        الثالث : أن يقع بعد القبول ، وقبل القبض ، فلا يصح الرد على الأصح . ولو قال : رددت الوصية لفلان ، يعني أحد الورثة ، قال في " الأم " : إن قال : أردت لرضاه ، كان ردا على جميع الورثة . وإن قال أردت تخصيصه بالرد عليه ، فهو هبة له خاصة . قال الأصحاب : هذا تفريع على تصحيح الرد بعد القبول ، [ وإلا فما لا يملكه ] لا يمكنه أن يملكه غيره . ثم لم يعتبر لفظ الهبة والتمليك . وقال القاضي أبو الطيب : لا بد منه ، وهو القياس . ولو مات ولم يبين ما أراده ، جعل ردا على جميع الورثة .

                                                                                                                                                                        [ ص: 143 ] فرع

                                                                                                                                                                        إذا لم يقبل الموصى له ، ولم يرد ، فللوارث مطالبته بأحد الأمرين . فإن امتنع ، حكم عليه بالرد .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو مات الموصى له قبل موت الموصي ، بطلت الوصية . وإن مات بعد موته ، قام وارثه مقامه في القبول والرد .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية