الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        متى يملك الموصى له الموصى به ؟ فيه ثلاثة أقوال : أحدها : بالموت . والثاني : بالقبول . وعلى هذا ، هل الملك قبل القبول للوارث ، أم للميت ؟ وجهان : أصحهما : الأول . والثالث - وهو الأظهر - : أنه موقوف . فإن قبل ، تبينا أنه ملك بالموت ، وإلا بان أنه كان للوارث . ولو أوصى بإعتاق عبد معين بعد موته ، فالملك في العبد إلى أن يعتق للوارث بلا خلاف ؛ لأنه ليس تمليكا . ويتفرع على الأقوال مسائل .

                                                                                                                                                                        إحداها : كسب العبد ، وثمرة الشجرة ، وسائر زوائد الموصى به ، إن حصلت قبل موت الموصي فهي له ، ولا تتناولها الوصية ، وإن حصلت بعده وبعد قبول الموصى له ، فهي للموصى له ، وإن حصلت بعد موته ، وقبل القبول ، فإن قلنا : يملك بالموت ، فهي للموصى له ، قبل الوصية أو ردها . وفيما إذا ردها وجه : أن الزوائد ترتد [ ص: 144 ] أيضا . وإن قلنا : يملك بالقبول ، لم تكن الزوائد للموصى له ، قبل الوصية أو ردها . وفيما إذا قبل وجه : أنها له ; لأن له حق التمليك من حين الموت ، فهي حادثة في محل حقه . وإن قلنا بالوقف ، فهي موقوفة . فإن قبل فله ، وإلا فلا . وحيث قلنا : ترتد الزوائد ، فإلى من ترتد ؟ وجهان : أحدهما : إلى الموصي ، فتكون من جملة تركته يقضى منها دينه ، وتنفذ وصاياه كالأصل . وأصحهما : أنها للوارث ; لأنها حدثت بعد زوال ملك الموصي . وعلى هذا الخلاف ولد الجارية والبهيمة الموصى بهما ، ويتعلق بهما تفصيل وأحوال نذكرها - إن شاء الله تعالى - على الأثر موضحة .

                                                                                                                                                                        الثانية : فطرة العبد الموصى به إذا وقع وقت وجوبها بين القبول والموت على من تجب ؟ يخرج على هذه الأقوال . وقد ذكرناه في زكاة الفطر . والنفقة والمؤن المحتاج إليها بين القبول والموت حكمها حكم الفطرة . وقال في الوسيط : إنها على الموصى له إن قبل على كل قول ، وعلى الوارث إن رد على كل قول ، والمعتمد ما نقلناه عن الأصحاب من طرد الخلاف . وإذا توقف الموصى له في القبول والرد ، ألزم النفقة فإن أراد الخلاص رد .

                                                                                                                                                                        الثالثة : إذا زوج أمته حرا ، وأوصى له بها ، فإن رد الوصية استمر النكاح إلا إذا قلنا : يملك بالموت ، فيفسخ النكاح من يوم الموت وإن كان الملك ضعيفا . وإن قبل انفسخ النكاح ، ويكون الانفساخ من يوم القبول إن قلنا : يملك بالقبول ، ومن يوم الموت على سبيل التبين إن قلنا بالتوقف . وإن كان زوجها وارثه ، ثم أوصى بها لغيره ، فإن قبل الموصى له الوصية استمر النكاح إلا إذا قلنا : الملك يحصل بالقبول ، وإنه قبل القبول للوارث ، فإنه ينفسخ على الأصح . وقيل : لا ، لضعف الملك وإن رد انفسخ النكاح . وفي استناد الفسخ إلى حالة الموت لضعف الملك هذا الخلاف . هذا إذا خرجت الأمة من الثلث ، فإن لم تخرج

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية