الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد

                                                                                                                                                                                                        628 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث اللهم اغفر له اللهم ارحمه لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة ) أي ليصليها جماعة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تصلي على أحدكم ) أي تستغفر له ، قيل عبر بتصلي ليتناسب الجزاء والعمل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ما دام في مصلاه ) أي ينتظر الصلاة كما صرح به في الطهارة من وجه آخر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا يزال أحدكم إلخ ) هذا القدر أفرده مالك في الموطأ عما قبله ، وأكثر الرواة ضموه إلى الأول فجعلوه حديثا واحدا ، ولا حجر في ذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( في صلاة ) أي في ثواب صلاة لا في حكمها ، لأنه يحل له الكلام وغيره مما منع في الصلاة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ما دامت ) في رواية الكشميهني " ما كانت " وهو عكس ما مضى في الطهارة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا يمنعه ) يقتضي أنه إذا صرف نيته عن ذلك صارف آخر انقطع عنه الثواب المذكور ، وكذلك إذا شارك نية الانتظار أمر آخر ، وهل يحصل ذلك لمن نيته إيقاع الصلاة في المسجدولو لم يكن فيه ؟ الظاهر خلافه ، لأنه رتب الثواب المذكور على المجموع من النية وشغل البقعة بالعبادة ، لكن للمذكور ثواب يخصه ، ولعل هذا هو السر في إيراد المصنف الحديث الذي يليه وفيه ورجل قلبه معلق في المساجد وقد تقدم الكلام في الطهارة على معنى قوله " ما لم يحدث " وفيه زيادة على ما هنا ، وأن المراد بالحدث حدث الفرج ، لكن يؤخذ منه أن اجتناب حدث اليد واللسان من باب الأولى ، لأن الأذى منهما يكون أشد ، أشار إلى ذلك ابن بطال . وقد تقدم الكلام على باقي فوائده في " باب فضل صلاة الجماعة " ويؤخذ من قوله " في مصلاه الذي صلى فيه " أن ذلك مقيد بمن صلى ثم انتظر صلاة أخرى ، وبتقييد الصلاة الأولى بكونها مجزئة ، أما لو كان فيها نقص فإنها تجبر بالنافلة كما ثبت في الخبر الآخر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ) هو مطابق لقوله تعالى : والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ، قيل : السر فيه أنهم يطلعون على أفعال بني آدم وما فيها من المعصية والخلل [ ص: 168 ] في الطاعة فيقتصرون على الاستغفار لهم من ذلك ، لأن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة ، ولو فرض أن فيهم من تحفظ من ذلك فإنه يعوض من المغفرة بما يقابلها من الثواب .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية