الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1207 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          وكل من مات وله ديون على الناس مؤجلة ، أو للناس عليه ديون مؤجلة فكل ذلك سواء ، وقد بطلت الآجال كلها ، وصار كل ما عليه من دين حالا ، وكل ما له من دين حالا سواء في ذلك كله القرض ، والبيع ، وغير ذلك - وقال مالك : أما الديون التي عليه مؤجلة فقد حلت ، وأما التي له على الناس فإلى أجلها .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وهذا فرق فاسد بلا برهان ، لا من قرآن ، ولا سنة ، ولا إجماع ، ولا رواية سقيمة ، ولا قياس ، ولا قول صاحب ، ولا رأي له وجه .

                                                                                                                                                                                          برهان قولنا - : هو قول الله تعالى : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها } وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } وقال تعالى في حكمه في المواريث فذكر فرائض المواريث وقال عز وجل : { من بعد وصية يوصي بها أو دين } فصح أن بموت الإنسان بطل حكمه عن ماله وانتقل إلى ملك الغرماء ، والموصى لهم ، ووجوه الوصايا ، والورثة ، وعقد الغرماء في تأجيل ما عليهم ، أو تأجيل ما على الميت إنما كان بلا شك بينهم وبين المتوفى إذ [ ص: 359 ] كان حيا ، وقد انتقل الآن المال عن ملكه إلى ملك غيره ، فلا يجوز كسب الميت عليهم فيما قد سقط ملكه عنه .

                                                                                                                                                                                          ولا يحل للغرماء شيء من مال الورثة والموصى لهم والوصية بغير طيب أنفسهم ، فبطل حكم التأجيل في ذلك ، ووجب للورثة وللوصية أخذ حقوقهم .

                                                                                                                                                                                          وكذلك لا يحل للورثة إمساك مال غريم ميتهم إلا بطيب نفسه ، لأن عقده إنما كان مع المتوفى إذ كان حيا فلا يلزمه أن يبقى ماله بأيدي ورثة لم يعاملهم قط . ولا يحل لهم إمساك مال الذي له الحق عنه ، والله تعالى لم يجعل لهم حقا ، ولا للوصية إلا بعد إنصاف أصحاب الديون - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          روينا من طريق أبي عبيد نا إسماعيل بن إبراهيم - هو ابن علية - عن ليث عن الشعبي ، والنخعي ، قالا جميعا : من كان له دين إلى أجل فإذا مات فقد حل

                                                                                                                                                                                          وبه إلى أبي عبيد عن معاذ بن معاذ العنبري عن أشعث عن الحسن البصري : أنه كان يرى الدين حالا إذا مات وعليه دين .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق محمد بن المثنى حدثني عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم قال : إذا مات الميت فقد حل دينه - وهذا عموم لما عليه - ولما له .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية