قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وإن لم تطهر ; لما روي { خللت بخل أو ملح رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا فقال : أهرقها فقال أفلا أخللها ؟ قال لا أبا طلحة } فنهاه عن التخليل فدل على أنه لا يجوز ولأنه لو جاز لندبه إليه ; لما فيه من إصلاح مال اليتيم ، ولأنه إذا طرح فيها الخل نجس الخل فإذا زالت [ الشدة المطربة ] بقيت نجاسة الخل النجس فلم يطهر ، وإن أن ففيه وجهان ( أحدهما ) : تطهر ; لأن الشدة قد زالت من غير نجاسة خلفتها . نقلها من شمس إلى ظل أو من ظل إلى شمس حتى تخللت
( والثاني ) : لا تطهر ; لأنه فعل محظور توصل به إلى استعجال ما يحل في الثاني فلم يحل به كما لو قتل مورثه أو نفر صيدا حتى خرج من الحرم إلى الحل ) .
التالي
السابق
( الشرح ) : أما حديث فصحيح رواه أبي طلحة أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة عن رضي الله عنه أن أنس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظه في المهذب ، وروى أبا طلحة في صحيحه مسلم والترمذي عن [ ص: 594 ] قال : { أنس قال : لا أنتخذ الخمر خلا ؟ } قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وقول المصنف : روي أن ، مما ينكر عليه حيث ذكره بصيغة تمريض وهو حديث صحيح ، أبا طلحة ، سبق بيانه في باب ما يوجب الغسل . وأبو طلحة اسمه زيد بن سهل
( أما حكم المسألة ) فالتخليل عندنا وعند الأكثرين حرام ، فلو فعله فصار خلا لم يطهر ، قال البغوي : ولا يمكن تطهيره بعد هذا بطريق كالخل إذا وقعت فيه نجاسة . وقال : تطهر بالتخليل ، دليلنا هذان الحديثان الصحيحان ، وأما مسألة النقل من ظل إلى شمس وعكسه فالأصح فيها الطهارة ، والوجهان جاريان فيما لو فتح رأسها ليصيبها الهواء استعجالا للحموضة . نقله أبو حنيفة الرافعي .
( أما حكم المسألة ) فالتخليل عندنا وعند الأكثرين حرام ، فلو فعله فصار خلا لم يطهر ، قال البغوي : ولا يمكن تطهيره بعد هذا بطريق كالخل إذا وقعت فيه نجاسة . وقال : تطهر بالتخليل ، دليلنا هذان الحديثان الصحيحان ، وأما مسألة النقل من ظل إلى شمس وعكسه فالأصح فيها الطهارة ، والوجهان جاريان فيما لو فتح رأسها ليصيبها الهواء استعجالا للحموضة . نقله أبو حنيفة الرافعي .
( فرع ) محترمة وغيرها فالمحترمة هي التي اتخذ عصيرها ليصير خلا وغيرها ما اتخذ عصيرها للخمرية ، وفي النوعين مسائل : ( إحداها ) : الخمر نوعان حرام بلا خلاف عند أصحابنا فإذا خللت فهذا الخل نجس لعلتين ذكرهما تخليلها بطرح عصير أو خل أو خبز حار أو ملح أو غيرها فيها المصنف والأصحاب إحداهما : تحريم التخليل ، والثانية : نجاسة المطروح بالملاقاة فتستمر نجاستها إذ لا مزيل لها ولا ضرورة إلى الحكم بانقلابها به طاهرا بخلاف أجزاء الدن ، قال أصحابنا : وسواء في هذا المحترمة وغيرها والمطروح قصدا ، والواقع فيها اتفاقا بإلقاء الريح وغيرها ، وفي وجه ضعيف يجوز تخليل المحترمة وتطهر به وفي وجه تطهر المحترمة وغيرها إذا طرح بلا قصد حكاهما الرافعي ، والصحيح المشهور أنه لا فرق كما سبق .
( الثانية ) : لو والبصل فيها فوجهان حكاهما طرح في العصير بصلا أو ملحا واستعجل به الحموضة قبل الاشتداد فصار خمرا ، ثم انقلبت بنفسها خلا الرافعي ( أحدهما ) : يطهر ; لأنه لاقاه في حال طهارته كأجزاء الدن ( وأصحهما ) : لا يطهر ; لأن المطروح ينجس بالتخمر ، فتستمر نجاسته بخلاف أجزاء الدن للضرورة ، ولو طرح العصير على خل ، وكان العصير غالبا بحيث يغمر الخل عند الاشتداد ففي طهارته إذا انقلبت خلا هذان الوجهان ، ولو كان الخل غالبا يمنع العصير من الاشتداد فلا بأس بل يطهر قطعا .
[ ص: 595 ] الثالثة ) : جائز ، هذا هو الصواب الذي قطع به الأصحاب ، وحكى إمساك الخمر المحترمة لتصير خلا إمام الحرمين عن بعض الخلافيين وجها أنه لا يجوز وهذا غلط مردود ، وأما غير المحترمة فيجب إراقتها فلو لم يرقها فتخللت طهرت ; لأن النجاسة للشدة ، وقد زالت ، وحكى الرافعي وجها أنها لا تطهر ; لأنه عاص بإمساكها فصار كالتخليل والمذهب الأول .
( الرابعة ) : متى طهرت أجزاء الظرف للضرورة وفيه وجه ، قال عادت الطهارة بالتخلل الدارمي : إن لم تتشرب شيئا من الخمر كالقوارير طهرت ، وإن تشربت لم تطهر ، والصواب الذي قطع به الجماهير الطهارة مطلقا للضرورة ، ثم كما يطهر ما يلاقي الخل بعد التخلل يطهر ما فوقه مما أصابه الخمر في حال الغليان ، قاله القاضي حسين وأبو الربيع الإيلاقي وحكاه الرافعي عنهما ولم يذكر خلافه وهذا الإيلاقي بكسر الهمزة وبعدها ياء مثناة من تحت وآخره قاف واسمه طاهر بن عبد الله منسوب إلى إيلاق وهي بلاد الشاش المتصلة بالترك قاله السمعاني وهي أحسن بلاد الإسلام وأنزهها قال : وكان أبو الربيع هذا بارعا في الفقه تفقه بمرو على القفال المروزي وبنيسابور على أبي طاهر الزيادي وببخارى على أبي عبد الله الحليمي وأخذ الأصول عن وعليه تفقه أهل أبي إسحاق الإسفراييني الشاش ، وقد بسطت أحواله في تهذيب الأسماء .
( فرع ) لا يصح على المذهب وحكى بيع الخمر المحترمة ( بكسر السين المهملة وبالجيم وجها ضعيفا ) : أنه يصح بناء على الوجه الشاذ في طهارتها ، ولو استحالت أجواف حبات العناقيد خمرا ، ففي صحة بيعها اعتمادا على طهارة ظاهرها وتوقع طهارة باطنها وجهان وطردهما في البيضة المستحيل باطنها دما ، والصحيح البطلان في الجميع . الشيخ أبو علي السنجي
( فرع ) مذهبنا أنه يجوز في كل شيء إذا غسلت وغسلها ممكن وبه قال جمهور العلماء ; وعن إمساك ظروف الخمر والانتفاع بها واستعمالها رحمه الله أنه يجب كسر دنانها وشق زقوقها دليلنا أنها مال وقد نهينا عن إضاعته ، ولأن الأصل أن لا وجوب ولا يثبت شيء يدل على الوجوب . أحمد
وأما حديث رضي الله عنه قال : " كنت أسقي أنس أبا عبيدة وأبا طلحة وأبي بن كعب شرابا من فضيخ وخمر فأتاهم آت فقال : إن الخمر [ ص: 596 ] قد حرمت فقال : يا أبو طلحة قم إلى هذه الجرة فاكسرها فقمت وكسرتها " رواه أنس البخاري فليس فيه دليل على وجوب الكسر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك ، بل في حديث ومسلم الذي ذكره أبي طلحة المصنف دليل على عدم الوجوب ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { } ولم يذكر إتلاف ظرفها وممن ذكر هذه المسألة من أصحابنا صاحب المستظهري . أهرقها
( فرع ) قال المتولي في كتاب البيع : أهل الذمة عندنا وقال التصرف في الخمر حرام على : لا يحرم . قال : والمسألة مبنية على خطاب الكفار بالفروع ومذهبنا أنهم مخاطبون وسأوضح المسألة في أول كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى وبه التوفيق . أبو حنيفة
( الثانية ) : لو والبصل فيها فوجهان حكاهما طرح في العصير بصلا أو ملحا واستعجل به الحموضة قبل الاشتداد فصار خمرا ، ثم انقلبت بنفسها خلا الرافعي ( أحدهما ) : يطهر ; لأنه لاقاه في حال طهارته كأجزاء الدن ( وأصحهما ) : لا يطهر ; لأن المطروح ينجس بالتخمر ، فتستمر نجاسته بخلاف أجزاء الدن للضرورة ، ولو طرح العصير على خل ، وكان العصير غالبا بحيث يغمر الخل عند الاشتداد ففي طهارته إذا انقلبت خلا هذان الوجهان ، ولو كان الخل غالبا يمنع العصير من الاشتداد فلا بأس بل يطهر قطعا .
[ ص: 595 ] الثالثة ) : جائز ، هذا هو الصواب الذي قطع به الأصحاب ، وحكى إمساك الخمر المحترمة لتصير خلا إمام الحرمين عن بعض الخلافيين وجها أنه لا يجوز وهذا غلط مردود ، وأما غير المحترمة فيجب إراقتها فلو لم يرقها فتخللت طهرت ; لأن النجاسة للشدة ، وقد زالت ، وحكى الرافعي وجها أنها لا تطهر ; لأنه عاص بإمساكها فصار كالتخليل والمذهب الأول .
( الرابعة ) : متى طهرت أجزاء الظرف للضرورة وفيه وجه ، قال عادت الطهارة بالتخلل الدارمي : إن لم تتشرب شيئا من الخمر كالقوارير طهرت ، وإن تشربت لم تطهر ، والصواب الذي قطع به الجماهير الطهارة مطلقا للضرورة ، ثم كما يطهر ما يلاقي الخل بعد التخلل يطهر ما فوقه مما أصابه الخمر في حال الغليان ، قاله القاضي حسين وأبو الربيع الإيلاقي وحكاه الرافعي عنهما ولم يذكر خلافه وهذا الإيلاقي بكسر الهمزة وبعدها ياء مثناة من تحت وآخره قاف واسمه طاهر بن عبد الله منسوب إلى إيلاق وهي بلاد الشاش المتصلة بالترك قاله السمعاني وهي أحسن بلاد الإسلام وأنزهها قال : وكان أبو الربيع هذا بارعا في الفقه تفقه بمرو على القفال المروزي وبنيسابور على أبي طاهر الزيادي وببخارى على أبي عبد الله الحليمي وأخذ الأصول عن وعليه تفقه أهل أبي إسحاق الإسفراييني الشاش ، وقد بسطت أحواله في تهذيب الأسماء .
( فرع ) لا يصح على المذهب وحكى بيع الخمر المحترمة ( بكسر السين المهملة وبالجيم وجها ضعيفا ) : أنه يصح بناء على الوجه الشاذ في طهارتها ، ولو استحالت أجواف حبات العناقيد خمرا ، ففي صحة بيعها اعتمادا على طهارة ظاهرها وتوقع طهارة باطنها وجهان وطردهما في البيضة المستحيل باطنها دما ، والصحيح البطلان في الجميع . الشيخ أبو علي السنجي
( فرع ) مذهبنا أنه يجوز في كل شيء إذا غسلت وغسلها ممكن وبه قال جمهور العلماء ; وعن إمساك ظروف الخمر والانتفاع بها واستعمالها رحمه الله أنه يجب كسر دنانها وشق زقوقها دليلنا أنها مال وقد نهينا عن إضاعته ، ولأن الأصل أن لا وجوب ولا يثبت شيء يدل على الوجوب . أحمد
وأما حديث رضي الله عنه قال : " كنت أسقي أنس أبا عبيدة وأبا طلحة وأبي بن كعب شرابا من فضيخ وخمر فأتاهم آت فقال : إن الخمر [ ص: 596 ] قد حرمت فقال : يا أبو طلحة قم إلى هذه الجرة فاكسرها فقمت وكسرتها " رواه أنس البخاري فليس فيه دليل على وجوب الكسر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك ، بل في حديث ومسلم الذي ذكره أبي طلحة المصنف دليل على عدم الوجوب ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { } ولم يذكر إتلاف ظرفها وممن ذكر هذه المسألة من أصحابنا صاحب المستظهري . أهرقها
( فرع ) قال المتولي في كتاب البيع : أهل الذمة عندنا وقال التصرف في الخمر حرام على : لا يحرم . قال : والمسألة مبنية على خطاب الكفار بالفروع ومذهبنا أنهم مخاطبون وسأوضح المسألة في أول كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى وبه التوفيق . أبو حنيفة
( فرع ) في مذاهب العلماء في . تخلل الخمر وتخليلها
أما إذا انقلبت بنفسها خلا فتطهر عند جمهور العلماء ونقل القاضي عبد الوهاب المالكي فيه الإجماع وحكى غيره عن المالكي أنها لا تطهر ، وأما إذا خللت بوضع شيء فيها فمذهبنا أنها لا تطهر وبه قال سحنون والأكثرون . وقال أحمد أبو حنيفة والأوزاعي : تطهر ، وعن والليث ثلاث روايات أصحها عنه أن التخليل حرام [ وتطهر ] فلو خللها طهرت والثانية حرام ولا تطهر والثالثة : حلال وتطهر دليلنا ما سبق . مالك
أما إذا انقلبت بنفسها خلا فتطهر عند جمهور العلماء ونقل القاضي عبد الوهاب المالكي فيه الإجماع وحكى غيره عن المالكي أنها لا تطهر ، وأما إذا خللت بوضع شيء فيها فمذهبنا أنها لا تطهر وبه قال سحنون والأكثرون . وقال أحمد أبو حنيفة والأوزاعي : تطهر ، وعن والليث ثلاث روايات أصحها عنه أن التخليل حرام [ وتطهر ] فلو خللها طهرت والثانية حرام ولا تطهر والثالثة : حلال وتطهر دليلنا ما سبق . مالك