الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 388 ] أحدهما : أي مواساة عند القتال ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : قدوة حسنة يتبع فيها ، والأسوة الحسنة المشاركة في الأمر يقال هو مواسيه بماله إذا جعل له نصيبا . وفي المراد بذلك وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : الحث على الصبر مع النبي صلى الله عليه وسلم في حروبه .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : التسلية لهم فيما أصابهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم شج وكسرت رباعيته وقتل عمه حمزة .

                                                                                                                                                                                                                                        لمن كان يرجو الله واليوم الآخر فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : لمن كان يرجو ثواب الله في اليوم الآخر قاله ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : لمن كان يرجو الله بإيمانه ويصدق بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال ، قاله ابن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                        وذكر الله كثيرا يحتمل وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أي استكثر من العمل بطاعته تذكرا لأوامره .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أي استكثر من ذكر الله خوفا من عقابه ورجاء لثوابه واختلف فيمن أريد بهذا الخطاب على قولين :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : المنافقون عطفا على ما تقدم من خطابهم .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : المؤمنون لقوله : لمن كان يرجو الله واليوم الآخر واختلف في هذه الأسوة بالرسول هل هي على الإيجاب أو على الاستحباب على قولين :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : على الإيجاب حتى يقوم دليل على الاستحباب .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : على الاستحباب حتى يقوم دليل على الإيجاب .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل أن يحمل على الإيجاب في أمور الدين ، وعلى الاستحباب في أمور الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : ولما رأى المؤمنون الأحزاب الآية . فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن الله وعدهم في سورة البقرة فقال : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم [البقرة : 214] الآية . فلما رأوا أحزاب المشركين يوم الخندق قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 389 ] الثاني : ما رواه كثير بن عبد الله بن عمرو المزني عن أبيه عن جده قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ذكرت الأحزاب فقال : (أخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها يعني قصور الحيرة ومدائن كسرى فأبشروا بالنصر) فاستبشر المسلمون وقالوا : الحمد لله موعد صادق إذ وعدنا بالنصر بعد الحصر فطلعت الأحزاب فقال المؤمنون هذا ما وعدنا الله ورسوله الآية .

                                                                                                                                                                                                                                        إيمانا وتسليما فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : إلا إيمانا وتسليما للقضاء ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : إلا إيمانا بما وعد الله وتسليما لأمر الله .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية