ولما كان التقدير - لما أرشد إليه تقاعدهم عن القتال وإدخال "أم" المرشد إلى أن مدخوله وسط الكلام فإن الابتداء له الألف وحدها: وهل حسبتم أنه تعالى لا يعلم ذلك أو لا يقدر على نصركم؟ بنى عليه قوله موبخا لمن تثاقل عن ذلك بنوع تثاقل:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_33522_34308_7856_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16أم حسبتم أي: لنقص في العقل أنه يبني الأمر فيه على غير الحكمة، وذلك هو المراد بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16أن تتركوا أي: قارين على ما أنتم عليه من غير أن تبتلوا بما يظهر به المؤمن من المنافق
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16ولما عبر بها لدلالتها - مع استغراق الزمان الماضي - على أن يتبين ما بعدها متوقع كائن
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16يعلم الله أي: المحيط بجميع صفات الكمال
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16الذين جاهدوا منكم أي: علما ظاهرا تقوم به الحجة عليكم في
[ ص: 399 ] مجاري عاداتكم على مقتضى عقولكم بأن يقع الجهاد في الواقع بالفعل.
ولما كان المعنى: جاهدوا مخلصين، ترجمه وبسطه بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16ولم أي: ولما يعلم الذين لم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16يتخذوا ويجوز أن يكون حالا، ودل على تراخي الرتب عن مكانته سبحانه بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16من دون الله أي: الذي لا يعدل عنه ويرغب في غيره من له أدنى بصيرة - كما دل عليه الافتعال - لأنه المنفرد بالكمال، وأكد النفي بتكرير " لا " فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16ولا رسوله أي: الذي هو خلاصة خلقه
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16ولا المؤمنين أي: الذين اصطفاهم من عباده
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16وليجة أي: بطانة تباطنونها وتسكنون إليها فتلج أسراركم إليها وأسرارها إليكم، فإن الوليجة كل شيء أدخلته في شيء ليس منه، والرجل يكون في قوم وليس منهم وليجة، فوليجة الرجل من يختصه بدخيلة أمره دون الناس، يقال: هو وليجتي وهم وليجتي - للواحد والجمع - نقل ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبي عبيدة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16493ابن هشام : وليجة: دخيلا وجمعها ولائج، يقول: لم يتخذوا دخيلا من دونه يسرون إليه غير ما يظهرون نحو ما يصنع المنافقون، يظهرون الإيمان للذين
[ ص: 400 ] آمنوا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا: إنا معكم.
والحاصل أنه لا يكون الترك بدون علم الأمرين حاصلين، والمراد بنفي العلم نفي المعلوم، فالمعنى: ولما يكن مجاهدون مخلصون.
ولما كان ظاهر ذلك مظنة أن يتمسك به من لم يرسخ قدمه في المعارف، ختم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16والله أي: الذي له الإحاطة الكاملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16خبير بما تعملون أي: سواء برز إلى الخارج أو لا.
وَلَمَّا كَانَ التَّقْدِيرُ - لِمَا أَرْشَدَ إِلَيْهِ تَقَاعُدُهُمْ عَنِ الْقِتَالِ وَإِدْخَالُ "أَمْ" الْمُرْشِدِ إِلَى أَنَّ مَدْخُولَهُ وَسَطَ الْكَلَامِ فَإِنَّ الِابْتِدَاءَ لَهُ الْأَلِفُ وَحْدَهَا: وَهَلْ حَسِبْتُمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَى نَصْرِكُمْ؟ بَنَى عَلَيْهِ قَوْلَهُ مُوَبِّخًا لِمَنْ تَثَاقَلَ عَنْ ذَلِكَ بِنَوْعِ تَثَاقُلٍ:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_33522_34308_7856_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16أَمْ حَسِبْتُمْ أَيْ: لِنَقْصٍ فِي الْعَقْلِ أَنَّهُ يَبْنِي الْأَمْرَ فِيهِ عَلَى غَيْرِ الْحِكْمَةِ، وَذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16أَنْ تُتْرَكُوا أَيْ: قَارِّينِ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُبْتَلَوْا بِمَا يَظْهَرُ بِهِ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْمُنَافِقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16وَلَمَّا عَبَّرَ بِهَا لِدَلَالَتِهَا - مَعَ اسْتِغْرَاقِ الزَّمَانِ الْمَاضِي - عَلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ مَا بَعْدَهَا مُتَوَقَّعٌ كَائِنٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16يَعْلَمِ اللَّهُ أَيِ: الْمُحِيطُ بِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ أَيْ: عِلْمًا ظَاهِرًا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْكُمْ فِي
[ ص: 399 ] مَجَارِي عَادَاتِكُمْ عَلَى مُقْتَضَى عُقُولِكُمْ بِأَنْ يَقَعَ الْجِهَادُ فِي الْوَاقِعِ بِالْفِعْلِ.
وَلَمَّا كَانَ الْمَعْنَى: جَاهِدُوا مُخْلِصِينَ، تَرْجَمَهُ وَبَسَطَهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16وَلَمْ أَيْ: وَلَمَّا يَعْلَمِ الَّذِينَ لَمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16يَتَّخِذُوا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا، وَدَلَّ عَلَى تَرَاخِي الرُّتَبِ عَنْ مَكَانَتِهِ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16مِنْ دُونِ اللَّهِ أَيِ: الَّذِي لَا يَعْدِلُ عَنْهُ وَيَرْغَبُ فِي غَيْرِهِ مِنْ لَهُ أَدْنَى بَصِيرَةٍ - كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الِافْتِعَالُ - لِأَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالْكَمَالِ، وَأَكَّدَ النَّفْيَ بِتَكْرِيرِ " لَا " فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16وَلا رَسُولِهِ أَيِ: الَّذِي هُوَ خُلَاصَةُ خَلْقِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16وَلا الْمُؤْمِنِينَ أَيِ: الَّذِينَ اصْطَفَاهُمْ مِنْ عِبَادِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16وَلِيجَةً أَيْ: بِطَانَةً تُبَاطِنُونَهَا وَتَسْكُنُونَ إِلَيْهَا فَتَلِجُ أَسْرَارُكُمْ إِلَيْهَا وَأَسْرَارُهَا إِلَيْكُمْ، فَإِنَّ الْوَلِيجَةَ كُلُّ شَيْءٍ أَدْخَلْتَهُ فِي شَيْءٍ لَيْسَ مِنْهُ، وَالرَّجُلُ يَكُونُ فِي قَوْمٍ وَلَيْسَ مِنْهُمْ وَلِيجَةٌ، فَوَلِيجَةُ الرَّجُلِ مَنْ يَخْتَصُّهُ بِدَخِيلَةِ أَمْرِهِ دُونَ النَّاسِ، يُقَالُ: هُوَ وَلِيجَتِي وَهُمْ وَلِيجَتِي - لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ - نَقَلَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=13889الْبَغَوِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبِي عُبَيْدَةَ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16493ابْنُ هِشَامٍ : وَلِيجَةً: دَخِيلًا وَجَمْعُهَا وَلَائِجُ، يَقُولُ: لَمْ يَتَّخِذُوا دَخِيلًا مِنْ دُونِهِ يُسِرُّونَ إِلَيْهِ غَيْرَ مَا يُظْهِرُونَ نَحْوَ مَا يَصْنَعُ الْمُنَافِقُونَ، يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ لِلَّذِينَ
[ ص: 400 ] آمَنُوا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا: إِنَّا مَعَكُمْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ التَّرْكُ بِدُونِ عِلْمِ الْأَمْرَيْنِ حَاصِلَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِنَفْيِ الْعِلْمِ نَفْيُ الْمَعْلُومِ، فَالْمَعْنَى: وَلَمَّا يَكُنْ مُجَاهِدُونَ مُخْلِصُونَ.
وَلَمَّا كَانَ ظَاهِرُ ذَلِكَ مَظِنَّةَ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ مَنْ لَمْ يَرْسَخْ قَدَمُهُ فِي الْمَعَارِفِ، خَتَمَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16وَاللَّهُ أَيِ: الَّذِي لَهُ الْإِحَاطَةُ الْكَامِلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=16خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ أَيْ: سَوَاءٌ بَرَزَ إِلَى الْخَارِجِ أَوْ لَا.