الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 290 ] القول في تأويل قوله ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم )

قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : الرجال قوامون على النساء ، الرجال أهل قيام على نسائهم ، في تأديبهن والأخذ على أيديهن فيما يجب عليهن لله ولأنفسهم بما فضل الله بعضهم على بعض يعني : بما فضل الله به الرجال على أزواجهم من سوقهم إليهن مهورهن ، وإنفاقهم عليهن أموالهم ، وكفايتهم إياهن مؤنهن . وذلك تفضيل الله تبارك وتعالى إياهم عليهن ، ولذلك صاروا قواما عليهن ، نافذي الأمر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن .

وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

9300 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : الرجال قوامون على النساء يعني : أمراء ، عليها أن تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته : أن تكون محسنة إلى أهله ، حافظة لماله . وفضله عليها بنفقته وسعيه .

9301 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض يقول : الرجل قائم على المرأة ، يأمرها بطاعة الله ، فإن أبت فله أن يضربها ضربا غير مبرح ، وله عليها الفضل بنفقته وسعيه .

9302 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا [ ص: 291 ] أسباط ، عن السدي : الرجال قوامون على النساء قال : يأخذون على أيديهن ويؤدبونهن .

9303 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : سمعت سفيان يقول : بما فضل الله بعضهم على بعض قال : بتفضيل الله الرجال على النساء .

وذكر أن هذه الآية نزلت في رجل لطم امرأته ، فخوصم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، فقضى لها بالقصاص .

ذكر الخبر بذلك :

9304 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : حدثنا الحسن : أن رجلا لطم امرأته ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأراد أن يقصها منه ، فأنزل الله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فتلاها عليه ، وقال : أردت أمرا وأراد الله غيره .

9305 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ذكر لنا أن رجلا لطم امرأته ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر نحوه .

9306 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : الرجال قوامون على النساء قال : صك رجل امرأته ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأراد أن يقيدها منه ، فأنزل الله : الرجال قوامون على النساء . [ ص: 292 ] 9307 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن جرير بن حازم ، عن الحسن : أن رجلا من الأنصار لطم امرأته ، فجاءت تلتمس القصاص ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما القصاص ، فنزلت : ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) [ سورة طه : 114 ] ونزلت : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض .

9308 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : لطم رجل امرأته ، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - القصاص . فبينا هم كذلك ، نزلت الآية .

9309 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : أما الرجال قوامون على النساء فإن رجلا من الأنصار كان بينه وبين امرأته كلام فلطمها ، فانطلق أهلها ، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرهم : الرجال قوامون على النساء الآية .

وكان الزهري يقول : ليس بين الرجل وامرأته قصاص فيما دون النفس .

9310 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، سمعت الزهري يقول : لو أن رجلا شج امرأته أو جرحها ، لم يكن عليه في ذلك قود ، وكان عليه العقل ، إلا أن يعدو عليها فيقتلها ، فيقتل بها .

وأما قوله : وبما أنفقوا من أموالهم فإنه يعني : وبما ساقوا إليهن من [ ص: 293 ] صداق ، وأنفقوا عليهن من نفقة ، كما :

9311 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : فضله عليها بنفقته وسعيه .

9312 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك مثله .

9313 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : سمعت سفيان يقول : وبما أنفقوا من أموالهم بما ساقوا من المهر .

قال أبو جعفر : فتأويل الكلام إذا : الرجال قوامون على نسائهم ، بتفضيل الله إياهم عليهن ، وبإنفاقهم عليهن من أموالهم .

و " ما " التي في قوله : بما فضل الله والتي في قوله : وبما أنفقوا في معنى المصدر .

التالي السابق


الخدمات العلمية