الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          وأما ما تولد من الرهن فإننا روينا من طريق عمرو بن دينار : أن معاذ بن جبل قضى فيمن ارتهن أرضا فأثمرت ، فإن الثمرة من الرهن .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق طاووس : أن في كتاب معاذ " من ارتهن أرضا فهو يحتسب ثمرها لصاحب الرهن " .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : الحكمان متضادان ، وهما قولان - : أحدهما : أن الثمرة لصاحب الرهن - والآخر : أنها من الرهن .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو حنيفة : الولد ، والغلة ، والثمرة ، رهن مع الأصول .

                                                                                                                                                                                          ثم تناقضوا ، فقالوا : إن هلك الولد ، والغلة ، والثمرة : لم يسقط من أجل ذلك من ، [ ص: 380 ] الدين شيء ، وإن هلك الأصل ، والأم ، والشجر : قسم الدين على ذلك ، وعلى النماء ، فما وقع للأصل سقط ، وما وقع للنماء بقي . قال أبو محمد : وهذا تناقض فاحش ، لأن كل ذلك رهن عندهم ، ثم خالفوا بين أحكامها بلا برهان .

                                                                                                                                                                                          وقال مالك : أما الولد فداخل في الرهن ، وأما الغلة والثمرة ، فخارجان من الرهن - وهذا تقسيم فاسد جدا بلا برهان .

                                                                                                                                                                                          فإن قالوا : إن الولد بعض الأم ؟ قلنا : كذب من قال هكذا ؟ وكيف يكون بعضها ، وقد يكون ذكرا وهي أنثى ، ويكون مسلما ، وهي كافرة ؟ ثم يقال لهم : والثمرة أيضا بعض الشجر - دعوى كدعوى .

                                                                                                                                                                                          وقال الشافعي : كل ذلك لصاحب الأصل ، ولا يدخل شيء منه في الرهن وهو الحق ، لأن الرهن هو ما تعاقدا عليه الصفقة ، لا ما لم يتعاقداها عليه ، وكل ما ذكرنا شيء لم يتعاقدا الصفقة عليه ، فكله غير الأصل ، وكله حادث في ملك صاحب الأصل ، فكله له - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية