الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 256 ] " باب صدقة الورق "

                                                                                                                                            قال الشافعي رحمه الله تعالى : " أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة ( قال ) وبهذا نأخذ ، فإذا بلغ الورق خمس أواق وذلك مائتا درهم بدراهم الإسلام ، وكل عشرة دراهم من دراهم الإسلام وزن سبعة مثاقيل ذهب بمثقال الإسلام ففي الورق صدقة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما زكاة الورق وهي الفضة فواجبة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة . فأما الكتاب فقوله تعالى : خذ من أموالهم صدقة تطهرهم ، [ التوبة : 103 ] ، وقوله تعالى : في أموالهم حق معلوم ، [ المعارج : 24 ] وقوله تعالى : والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ، [ التوبة : 34 ] ، والكنز المراد بالآية ما لم يؤد زكاته ظاهرا كان أو مدفونا وما أديت زكاته فليس بكنز ظاهرا كان أو مدفونا ، وقد دللنا عليه في أول الكتاب ، وذكرنا خلاف ابن داود وابن جرير .

                                                                                                                                            وأما السنة : فما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من صاحب فضة ولا ذهب ، لا يؤدي حقها إلا جعلت له يوم القيامة صفائح ثم أحمي عليها في نار جهنم ، تكوى بها جباهه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس ، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الرقة ربع العشر وفي الرقة تأويلان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنها اسم للفضة قاله ابن قتيبة واستشهد بقول العرب : إن الرقين يعطي أفن الأفين قال : والرقين جمع رقة وهي الفضة .

                                                                                                                                            والتأويل الثاني : أن الرقة اسم جامع للذهب والفضة ، قال ثعلب : وهو أصح التأويلين لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال نحو من نبراس ذهب وفضة وما ذكره ابن قتيبة لا شاهد فيه وأما الإجماع فشائع في خاصة أهل العلم وعامة أهل الملة لا يختلفون فيه كإجماعهم

                                                                                                                                            على الصلوات الخمس .

                                                                                                                                            [ ص: 257 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية