الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[من أرفعية الصلاة اشتراط النظافة : ]

ومن الدليل على أنها أرفع الأعمال أن الله - عز وجل - أوجب أن لا تؤتى إلا بطهارة الأطراف ، ونظافة الجسد كله ، واللباس من جميع الأقذار ، ونظافة البقاع التي يصلى عليها .

ثم زاد تعظيما أنه أمرهم إذا عدموا الماء عند حضور وقت الصلاة ، أن يضربوا بأيديهم على الصعيد ، فيمسحوا مكارم وجوههم بالتراب ؛ إعظاما لقدرها أن لا تؤدى إلا بطهارة .

ثم اختلفوا في من لم يجد ماء ولا صعيدا ، فقالت جماعة من العلماء : يصلي حتى يجد الماء ، أو الصعيد ، ثم يتطهر بأيهما وجد ، ثم يقضي ما ترك من الصلوات في حال عدمه للماء والتراب .

وقالت جماعة منهم : بل عليه أن يصليها لا محالة ، إذا حضر وقتها ، وإن لم يجد ماء ولا صعيدا ، ولا يحل له تأخيرها حتى يذهب وقتها ؛ لأن الله - عز وجل - أوجب إقامة الصلاة في غير موضع من كتابه ، ولم يشرط الطهارة ، وإنما أمر بالطهارة عند الوجود ، فإذا لم يجد ما يتطهر به ، فعليه إقامتها حتى يجد الطهور ، كما يجب عليه أن لا يصلي ، حتى يستر عورته ، إذا كان واجدا لما يستر به عورته ، فإذا لم يجد صلى عريانا ، ولم يكن له أن يؤخر الصلاة ، إلى أن يجد ثوبا ، يستر به عورته . [ ص: 171 ]

وقال بعضهم : عليه إذا عدم الماء والتراب ، ثم وجد أحدهما ، تطهر بأيهما وجد ، وأعاد ما قد صلى احتياطا ، وأخذا بالثقة ، ولم يقل أحد : إن الفرض عنه ساقط ، لا يجب عليه أن يأتي به في حال عدم الماء والتراب ، ولا بعد وجودهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية