الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل : ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء فيه أربعة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : تطلق من تشاء من نسائك وتمسك من تشاء منهن ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : تترك نكاح من تشاء وتنكح من تشاء ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : تعزل من شئت من أزواجك فلا تأتيها ، وتأتي من شئت من أزواجك فلا [ ص: 416 ] تعزلها ، قاله مجاهد . ويدل على أن القسم في هذا التأويل كان ساقطا عنه .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : تؤخر من تشاء من أزواجك ، وتضم إليك من تشاء منهن ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        وروى منصور عن ابن رزين قال : بلغ بعض نسوة النبي صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن يخلي سبيلهن ، فأتينه فقلن : لا تخل سبيلنا وأنت في حل فيما بيننا وبينك ، فأرجأ منهن نسوة وآوى نسوة فكان ممن أرجأ جويرية وميمونة وأم حبيبة وصفية وسودة . وكان يقسم بينهن من نفسه وماله ما تشاء ، وكان ممن آوى عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب وكان قسمه في ماله ونفسه فيهن سواء .

                                                                                                                                                                                                                                        ومن ابتغيت ممن عزلت أي من ابتغيت فأويته إليك ممن عزلت أن تؤديه إليك .

                                                                                                                                                                                                                                        فلا جناح عليك فيهن وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : فلا جناح عليك في من ابتغيت ، وفي من عزلت . قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : فلا جناح في من عزلت أن تؤويه إليك ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن فيه أربعة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : إذا علمن أنه لا يطلقهن قرت أعينهن ولم يحزن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : إذا علمن أنه لا يتزوج عليهن قرت أعينهن ولم يحزن . قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : إذا علمن أن هذا من حكم الله تعالى فيهن قرت أعينهن ولم يحزن . قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : أنهن علمن أن له ردهن إلى فراشه إذا اعتزلهن قرت أعينهن ولم يحزن ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية