الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في بيان الفجر

                                                                                                          705 حدثنا هناد حدثنا ملازم بن عمرو حدثني عبد الله بن النعمان عن قيس بن طلق حدثني أبي طلق بن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر قال وفي الباب عن عدي بن حاتم وأبي ذر وسمرة قال أبو عيسى حديث طلق بن علي حديث حسن غريب من هذا الوجه والعمل على هذا عند أهل العلم أنه لا يحرم على الصائم الأكل والشرب حتى يكون الفجر الأحمر المعترض وبه يقول عامة أهل العلم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا ملازم بن عمرو ) بن عبد الله بن بدر أبو عمرو اليمامي صدوق من الثامنة كذا في التقريب ، قلت : روى عن عبد الله بن نعمان وغيره وعنه هناد وغيره ، وقال ابن معين وأبو زرعة والنسائي ، ثقة ( قال حدثني عبد بن النعمان ) السحيمي اليمامي مقبول من السادسة كذا في التقريب وقال في الخلاصة : وثقه ابن حبان ( ولا يهيدنكم ) بفتح أوله وبالدال من هاده يهيده هيدا وهو الزجر ( الساطع المصعد ) بصيغة المفعول من الإصعاد أي المرتفع . قال في المجمع : أي لا تنزعجوا للفجر المستطيل فتمتنعوا به عن السحور فإنه الصبح الكاذب ، وأصل الهيد الحركة ، انتهى . وقال الحافظ في الفتح : قوله " لا يهيدنكم " بكسر الهاء أي لا يزعجنكم فتمتنعوا به عن السحور فإنه الفجر الكاذب ، يقال : هدته أهيده إذا أزعجته . ولابن أبي شيبة عن ثوبان مرفوعا : " الفجر فجران ، فأما الذي كأنه ذنب السرحان فإنه لا يحل شيئا ولا يحرمه ولكن المستطير ، أي هو الذي يحرم الطعام ويحل الصلاة ، وهذا موافق للآية الماضية " يعني كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ( حتى يعترض لكم الأحمر ) أي الفجر الأحمر المعترض من المراد به الصبح الصادق . وفي عمدة [ ص: 319 ] القاري : قوله الساطع المصعد قال الخطابي : سطوعه ارتفاعه مصعدا قبل أن يعترض ، قال ومعنى الأحمر هاهنا أن يستبطن البياض المعترض أوائل حمرة . ، انتهى ما في العمدة .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عدي بن حاتم وأبي ذر وسمرة ) أما حديث عدي بن حاتم فأخرجه الشيخان وأخرجه أيضا الترمذي في كتاب التفسير ، وأما حديث أبي ذر فأخرجه الطحاوي في شرح الآثار بلفظ : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبلال : " إنك تؤذن إذا كان الفجر ساطعا وليس ذلك الصبح إنما الصبح هكذا معترضا " كذا في نصب الراية . وأما حديث سمرة فأخرجه مسلم مرفوعا بلفظ : " لا يغرنكم من سحوركم أذان ، بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا " يعني معترضا وفي رواية : " ولا هذا البياض حتى يستطير " ، وأخرجه الترمذي في هذا الباب .

                                                                                                          قوله : ( حديث طلق بن علي حديث حسن غريب من هذا الوجه ) ذكر الحافظ هذا الحديث في فتح الباري وسكت عنه .

                                                                                                          قوله : ( وبه يقول عامة أهل العلم ) من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين وغيرهم وعليه تدل الأحاديث المرفوعة الصحيحة . وذهب معمر وسليمان الأعمش وأبو مجلز والحكم بن عتيبة إلى جواز التسحر ما لم تطلع الشمس ، واحتجوا في ذلك بحديث حذيفة الذي أشار إليه الترمذي وذكرنا لفظه . وقال ابن حزم عن الحسن : كل ما امتريت . وعن ابن جريج قلت لعطاء أيكره أن أشرب وأنا في البيت لا أدري لعلي أصبحت؟ قال لا بأس بذلك هو شك . وقال ابن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم قال : لم يكونوا يعدون الفجر فجركم إنما كانوا [ ص: 320 ] يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق .

                                                                                                          وعن معمر أنه كان يؤخر السحور جدا حتى يقول الجاهل لا صوم له . وروى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر من طرق عن أبي بكر أنه أمر بغلق الباب حتى لا يرى الفجر . وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن علي -رضي الله عنه- أنه صلى الصبح ثم قال : الآن حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود .

                                                                                                          وقال ابن المنذر : ذهب بعضهم الى أن المراد بتبين بياض النهار من سواد الليل أن ينتشر البياض من الطرق والسكك والبيوت . وروي بإسناد صحيح عن سالم بن عبيد الأشجعي وله صحبة أن أبا بكر -رضي الله عنه- قال له : اخرج فانظر هل طلع الفجر؟ قال فنظرت ثم أتيته فقلت قد ابيض وسطع ، ثم قال اخرج فانظر هل طلع؟ فنظرت فقلت قد اعترض فقال الآن أبلغني شرابي . وروي من طريق وكيع عن الأعمش أنه قال : لولا الشهرة لصليت الغداة ثم تسحرت . كذا في عمدة القاري وفتح الباري .

                                                                                                          قلت : تقدم الجواب عن حديث حذيفة ، وأما الآثار فهي لا تقاوم الأحاديث المرفوعة الصحيحة .




                                                                                                          الخدمات العلمية