الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        أما المسائل ، فإحداها : فيما يتعلق بجانب الموصى له ، فيملك إثبات اليد على العبد الموصى بمنفعته ، ويملك منافعه وأكسابه المعتادة ، من الاحتطاب ، والاحتشاش ، والاصطياد ، وأجرة الحرفة ، لأنها أبدال منافعه .

                                                                                                                                                                        ولا يملك الكسب النادر ، كالهبة واللقطة على الأصح ; لأنه لا يقصد بالوصية .

                                                                                                                                                                        وحكى الحناطي وأبو الحسن العبادي وجها في كل الأكساب ، وهو ضعيف ، وسيأتي دليله إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                        ولو أتت الجارية الموصى بمنفعتها بولد من نكاح أو زنا ، فثلاثة أوجه .

                                                                                                                                                                        أصحها وبه قطع العراقيون والبغوي : حكم الولد حكم أمه ، رقبته للورثة ، ومنفعته للموصى له ; لأنه جزء منها .

                                                                                                                                                                        والثاني : أنه للموصى له ، ككسبها .

                                                                                                                                                                        والثالث : لورثة الموصي ; لأنه غير المنفعة .

                                                                                                                                                                        وإذا وطئت بشبهة ، أو زوجت ، ففي المهر وجهان .

                                                                                                                                                                        قطع العراقيون والبغوي بأنه للموصى له ، كالكسب .

                                                                                                                                                                        والمنسوب إلى المراوزة : أنه لورثة الموصي ، وبه قطع المتولي ، وصححه الغزالي ، وهو الأشبه ، [ ص: 188 ] لأنه بدل منفعة البضع ، ومنفعة البضع لا تجوز الوصية بها ، فكان تابعا للرقبة .

                                                                                                                                                                        ولا يجوز للموصى له وطؤها بلا خلاف فإن وطئ ، لم يحد على الصحيح ؛ للشبهة .

                                                                                                                                                                        وقيل : يحد كالمستأجر .

                                                                                                                                                                        ولو أولدها بالوطء ، لم تصر أم ولد له ، لكن الولد حر على الصحيح ؛ للشبهة .

                                                                                                                                                                        وقيل : رقيق .

                                                                                                                                                                        وإذا قلنا : حر ، فإن قلنا : الولد المملوك كالكسب ، فلا قيمة عليه ، وإلا ، فعليه القيمة .

                                                                                                                                                                        ثم هل هي لمالك الرقبة ؟ أم يشترى بها عبد تكون رقبته لمالك العبد ومنفعته للموصى له وجهان .

                                                                                                                                                                        هذا ما ذكروه في هذه الصور ، ولم يفرقوا بين قوله : أوصيت بمنفعة العبد ، أو غلته ، أو خدمته ، أو كسبه ، وبمنفعة الدار ، أو سكناها ، أو غلتها .

                                                                                                                                                                        وكان الأحسن أن يقال : الوصية بالمنفعة تفيد استحقاق الخدمة في العبد ، والسكنى في الدار .

                                                                                                                                                                        والوصية بالخدمة والسكنى لا تفيد استحقاق سائر المنافع .

                                                                                                                                                                        ألا ترى أنه إذا استأجر عبدا للخدمة ، لا يملك تكليفه البناء ، والغراس ، والكتابة .

                                                                                                                                                                        وإذا استأجر دارا للسكنى ، لم يكن له أن يعمل فيها عمل الحدادين والقصارين ، ولا أن يطرح الزبل فيها ، ولا يبعد أن يكون هذا مرادهم وإن أطلقوا ، بل ينبغي أن يقال : الوصية بالغلة والكسب لا تفيد استحقاق السكنى والركوب والاستخدام ، وبواحد منها لا يفيد استحقاق [ الغلة والكسب ] .

                                                                                                                                                                        وهذا يوافق الوجه السابق عن الحناطي والعبادي .

                                                                                                                                                                        فرع : هل ينفرد الموصى له بالمسافر بالموصى بمنفعته ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        أحدهما : لا ، كزوج الأمة .

                                                                                                                                                                        وأصحهما : نعم ؛ لاستغراقه المنافع .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية