الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم

                                                                                                                                                                                                                                      34 - يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس استعار الأكل للأخذ بالباطل أي: بالرشا في الأحكام، ويصدون سفلتهم عن سبيل الله دينه والذين يكنزون الذهب والفضة يجوز أن يكون إشارة إلى الكثير من الأحبار والرهبان، للدلالة على [ ص: 677 ] اجتماع خصلتين ذميمتين فيهم: أخذ الرشا، وكنز الأموال، والضن بها عن الإنفاق في سبيل الخير، ويجوز أن يراد: المسلمون الكانزون غير المنفقين، ويقرن بينهم وبين المرتشين من أهل الكتاب تغليظا. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أدي زكاته فليس بكنز وإن كان باطنا، وما بلغ أن يزكى فلم يزك فهو كنز وإن كان ظاهرا". ولقد كان كثير من الصحابة رضي الله عنهم كعبد الرحمن بن عوف، وطلحة يقتنون الأموال، ويتصرفون فيها، وما عابهم أحد ممن أعرض عن القنية; لأن الإعراض اختيار للأفضل، والاقتناء مباح لا يذم صاحبه ولا ينفقونها في سبيل الله الضمير راجع إلى المعنى; لأن كل واحد منهما دنانير ودراهم، فهو كقوله: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا [الحجرات: 9] أو أريد به الكنوز والأموال، أو معناه: ولا ينفقونها والذهب. كما أن معنى قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      فإني وقيار بها لغريب



                                                                                                                                                                                                                                      أي: وقيار كذلك، وخصا بالذكر من بين سائر الأموال; لأنهما قانون التمول، وأثمان الأشياء، وذكر كنزهما دليل على ما سواهما فبشرهم بعذاب أليم

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية