الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها

                                                                                                                                                                                                                                        قوله : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى معناه لا تؤذوا محمدا فتكونوا كالذين آذوا موسى .

                                                                                                                                                                                                                                        وفيما آذوا به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : قولهم زيد بن محمد ، حكاه النقاش .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم قسما فقال رجل من الأنصار إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فغضب وقال : (رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر) قاله أبو وائل . وفيما أوذي به موسى عليه السلام ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 427 ] أحدها : أن رموه بالسحر والجنون .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن موسى كان رجلا حييا ستيرا لا يكاد يرى من جسده شيء يستحيا منه فآذاه من آذاه من بني إسرائيل وقالوا ما يستتر إلا من عيب بجلده أو جسمه ، إما من برص وإما آدر أو به آفة، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا وإن موسى خلا يوما وحده فوضع ثيابه على حجر ثم اغتسل ، فلما فرغ أقبل إلى ثوبه ليأخذه وإن الحجر عدا بثيابه فطلبه موسى فانتهى إلى ملإ من بني إسرائيل فرأوه عريانا كأحسن الرجال خلقا فبرأه الله مما قالوا) .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : ما رواه ابن عباس عن علي رضي الله عنه أن موسى صعد وهارون الجبل فمات هارون فقال بنو إسرائيل أنت قتلته وكان ألين لنا منك وأشد حبا فآذوه بذلك فأمر الله الملائكة فحملته فمروا به على مجلس بني إسرائيل فتكلمت الملائكة بموته ثم دفنته فما عرف موضع قبره إلا الرخم وأن الله جعله أصم أبكم ومات هارون /قبل موسى في التيه ومات موسى قبل انقضاء مدة التيه بشهرين .

                                                                                                                                                                                                                                        وكان عند الله وجيها فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنه المقبول ، قاله ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        الوجه الثاني : لأنه مستجاب الدعوة قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : لأنه ما سأل الله شيئا إلا أعطاه إلى النظر ، قاله ابن سنان . قال قطرب : والوجيه مشتق من الوجه لأنه أرفع الجسد .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية