الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن الحوادث [قصة أريحا]

إن الله تعالى أمر موسى وقومه إلى أريحا ، وهي أرض بيت المقدس .

قال السدي: ساروا حتى إذا كانوا قريبا منها بعث موسى اثني عشر نقيبا من جميع أسباط بني إسرائيل؛ ليأتوه بخبر الجبارين ، فلقيهم رجل من الجبارين يقال له: عاج ، فأخذ الاثني عشر فجعلهم في حجزته ، وعلى رأسه حمل حطب ، فانطلق بهم إلى امرأته ، فقال: انظري إلى هؤلاء الذين يزعمون أنهم يريدون قتالنا ، فطرحهم بين يديها وقال: لأطحنهم برجلي ، قالت: بل خل عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا ، ففعل ذلك .

فلما خرج القوم قال بعضهم لبعض: يا قوم ، إنكم إن أخبرتم بني إسرائيل خبر القوم رجعوا عن نبي الله ، ولكن اكتموا وأخبروا نبي الله ، فانطلق عشرة منهم فأخبروا أهاليهم وكتم رجلان ، فقال الناس: إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها [5: 22] .

قال رجلان [5: 23] وهما اللذان كتما ، وهما يوشع بن نون ، وكالب بن يوفنه: يا قوم ادخلوا عليهم الباب [5: 23] فقالوا: إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها [5: 24] فغضب موسى [فدعا عليهم] ، فقال: رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين [5: 25] فقال الله تعالى: فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض [5: 26] فلما ضرب عليهم التيه ندم موسى ، فقالوا: يا موسى كيف لنا ها هنا بالطعام ، فأنزل الله عليهم المن والسلوى ، وكان المن يسقط على الشجرة ، والسلوى طائر ، فقالوا: أين الشراب؟ فضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، فشرب كل سبط من عين ، قالوا: فأين الظل؟ فظلل الله عليهم الغمام ، قالوا: فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان ولا يتخرق لهم ثوب ، فأجمعوا ذلك فقالوا: لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض [2: 61] . فلما خرجوا من التيه أكلوا البقول .

[ ص: 352 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية